عبيد الله بن عبد الخالق
سَبى الروم نساءً مسلماتٍ، فبلغ الخبر الرّقَّة وبها هارون الرشيد أمير المؤمنين، فَقِيل لمنصور بن عمَّار: لو اتَّخذت مجلسًا بالقُرْب من أمير المؤمنين، فحرّضت الناس على الغزو. فَفَعَل، فبينا هو يذكِّرهم ويحرّض إذا نحْن بخرقةٍ مَصْرورة مختومة قد طرِحت إلى منصور، وإذا كتاب مضموم إلى الصُّرّة فَفكَّ الكتابَ، فقرأه فإذا فيه: إني امرأة من أهل البيوتات من العرب، بلغني ما فَعَلَ الروم بالمسْلمات، وسمعت تحريضَك الناس على الغزو، وترغيبك في ذلك، فعمدت إلى أكرم شيءٍ مِن بدني وهما: ذُؤابتايَ فقطعتُهما وصَرَرْتُهما في هذه الخِرْقة المختومة، وأُناشِدُك بالله العظيم لما جعلتَهما قَيْدَ فرسٍ غازٍ في سبيل الله، فلَعَلَّ الله أن يَنْظُر إليَّ على تلك الحال نظرةً فيرحمني بها. قال: فبكى وأبكى الناس، وأمر هارون أن ينادَى بالنَّفير، فغَزا بنفسه فأنكى فيهم وفتح الله عليهم. قال ابن الجوزي رحمه الله: هذه امرأة حَسُنَ قَصدها وغلطَت في فعلها؛ لأنها جهلت أنَّ ما فعلَت مَنهيٌّ عنه، فليُنظر إلى قَصدها