بيتُ القراء و المدونين
  •  منذ 6 سنة
  •  0
  •  0

عِنْدَ جُهَيْنَةَ الْخَبَرُ اليقِينُ ‏

عِنْدَ جُهَيْنَةَ الْخَبَرُ اليقِينُ ‏

‏ قال هشام بن الكلبي‏:‏ كان من حديثه أن حُصَيْن بن عَمْرو بن مُعَاوية بن كِلاب، خرج ومعه رجل من جُهَينة يقال له‏:‏ الأخْنَس بن كعب، وكان الأخنس قد أَحدثَ في قومه حَدَثاً، فخرج هارباً، فلقيه الْحُصَيْنُ فقال له‏:‏ مَن أنت ثكلتك أمك‏؟‏ فقال له الأخنس‏:‏ بل مَن أنت ثكلتك أمك، فردد هذا القول حتى قال الأخنس بن كعب، فأخبرني مَن أنت وإِلاَّ أنقذتُ قلبك بهذا السنان، فقال له الحصين‏:‏ أنا الحصين ابن عمرو الكلابي، ويقال‏:‏ بل هو الحصين ‏ بن سبيع الغطفاني، فقال له الأخنس‏:‏ فما الذي تريد‏؟‏ قال خرجت لما يخرج له الفِتْيَانُ، قال الأخنس‏:‏ وأنا خرجتُ لمثل ذلك، فقال له الحصين‏:‏ هل لك أن نتعاقَدَ أن لا نلقى أحداً من عشيرتك أو عشيرتي إلا سلبناه‏؟‏ قال‏:‏ نعم، فتعاقدا على ذلك وكلاهما فاتِكٌ يَحْذَر صاحبه، فلقيا رجلا فسلَباه، فقال لهما‏:‏ لكما أن تردَّا على بعض ما أخذتما منى وأدلكما على مغنم‏؟‏ قالا‏:‏ نعم، فقال‏:‏ هذا رجل من لَخْم قد قدم من عند بعض الملوك بمغنم كثير، وهو خَلْفي في موضع كذا وكذا، فردَّا عليه بعضَ ماله وطلبا اللَّخْميَّ فوجَدَاه نازلا في ظل شجرة، وقُدَّامه طعام وشراب، فَحَيَّيَاه وحَيَّاهما، وعرض عليهما الطعام، فكره كل واحد أن ينزل قبل صاحبه فيفتك به، فنزلا جميعاً فأكلا وشربا مع اللخميُّ يتشحَّطُ في دمه، فقال الجهني - وهو وسَلَّ سيفه لإن سيف صاحبه كان مَسلُولا‏:‏ وَيْحَكَ فتكتَ برجل قد تحرَّمْنَا بطعامه وشرابه خرجْنَا، فشربا ساعةً وتحدثا، ثم إن الحصين قال‏:‏ يا أخا جهينة أتدري ما صعلة وما صعل‏؟‏ قال الجهني‏:‏ هذا يوم شُرْب وأكل، فسكت الحصين، حتى إذا ظن أن الجهنى قد نسى ما يُرَاد به، قال‏:‏ يا أخا جهينة، هل أنت للطير زاجر‏؟‏ قال‏:‏ وما ذاك‏؟‏ قال‏:‏ ما تقول هذه العُقَاب الكاسر، قال الجهني‏:‏ وأين تراها‏؟‏ قال‏:‏ هي ذه، وتطاوَلَ ورفع رأسه إلى السماء، فوضع الجهني بادرةَ السيف في نَحْره، فقال‏:‏ أنا الزاجر والناحِرُ، واحتوى على مَتَاعه ومتاع اللخمي، وانصرف راجعاً إلى قومه، فمر ببطنين من قيس يقال لهما‏:‏ مراح وأنمار، فإذا هو بامرأة تَنْشُدُ الحصينَ ابن سبيع، فقال لهما، من أنت‏؟‏ قالت أنا صخرة امرأة الحصين، قال أنا قتلته، فقالت‏:‏ كذبت ما مِثْلُك يقتل مثله، أما لو لم يكن الحي خلواً ما تكلمتَ بهذا، فانصرف إلى قومه فأصلحَ أمرهم ثم جاءهم، فوقف حيث يسمعهم، وقال‏:‏

وكم من ضَيْغم وَْردٍ هَمُوسٍ * أبي شِبْلَيْن مَسْكَنُهُ العَرِينُ

عَلَوْتُ بًيَاضَ مَفْرِقِهِ بِعَضْبٍ * فأضْحى في الفَلاة له سُكونُ

وَضْحَتْ عِرْسُه ولَهاَ عليه * بُعَيْدَ هُدُوءٍ ليلتها رَنِينُ

وكَمْ من فارسٍ لا تَزْدَرِيهِ * إذا شَخَصَتْ لموقِعِهِ العُيُونُ

كصخرة إذا تسائل في مَرَاجٍ * وأنْمَارٍ وعلمهُما ظُنُونُ ‏‏

تُسَائِلَ عن حُصَيْنٍ كُلَّ رَكْبٍ * وعنْدَ جُهَيْنَةَ الْخَبَرُ اليَقِنُ

فَمَنْ يَكُ سائلاً عَنْهُ فَعِنْدِى * لِصَاحِبِهِ البَيَانُ المُسْتَبِينُ

جُهَيْنَةُ مَعْشَرِي وَهُمُ مُلوُك * إذَا طَلَبُوا المَعَالِيَ لم يَهوُنُوا

قال الأصمعي وابن الأعرابي‏:‏ هو جُفَينة - بالفاء - وكان عنده خبر رجل مقتول، وفيه يقول الشاعر‏:‏

تسائل عن أبيها كل ركب * وعند جُفَيْنةَ الخبَرُ اليقنُ

قال‏:‏ فسألوا حفينة، بالحاء المهملة

يضرب في معرفة الشيء حقيقةً‏.‏

قم بتسجيل الدخول لكي تتمكن من رؤية المصادر