قَلَدَ
(قَلَدَ) الْقَافُ وَاللَّامُ وَالدَّالُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ، يَدُلُّ أَحَدَهُمَا عَلَى تَعْلِيقِ شَيْءٍ عَلَى شَيْءٍ وَلِيَهُ بِهِ، وَالْآخَرُ عَلَى حَظٍّ وَنَصِيبٍ. فَالْأَوَّلُ التَّقْلِيدُ: تَقْلِيدُ الْبَدَنَةِ، وَذَلِكَ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهَا شَيْءٌ لِيُعْلَمَ أَنَّهَا هَدْيٌ.
وَأَصْلُ الْقَلْدِ: الْفَتْلُ، يُقَالُ قَلَدْتُ الْحَبْلَ أَقْلِدُهُ قَلْدًا، إِذَا فَتَلْتُهُ. وَحَبْلٌ قَلِيدٌ وَمَقْلُودٌ. وَتَقَلَّدْتُ السَّيْفَ. وَمُقَلَّدُ الرَّجُلِ: مَوْضِعُ نِجَادِ السَّيْفِ عَلَى مَنْكِبِهِ. وَيُقَالُ: قَلَّدَ فُلَانٌ فُلَانًا قِلَادَةَ سَوْءٍ، إِذَا هَجَاهُ بِمَا يَبْقَى عَلَيْهِ وَسْمُهُ. فَإِذَا أَكَّدُوهُ قَالُوا: قَلَّدَهُ طَوْقَ الْحَمَامَةِ، أَيْ لَا يُفَارِقُهُ كَمَا لَا يُفَارِقُ الْحَمَامَةَ طَوْقُهَا. قَالَ بِشْرٌ:
حَبَاكَ بِهَا مَوْلَاكَ عَنْ ظَهْرِ بِغْضَةٍ ... وَقُلِّدَهَا طَوْقَ الْحَمَامَةِ جَعْفَرُ
وَالْمِقْلَدُ: عَصًا فِي رَأْسِهَا عِوَجٌ يُقْلَدُ بِهَا الْكَلَأُ، كَمَا يُقْلَدُ الْقَتُّ إِذَا جُعِلَ حِبَالًا. وَمِنَ الْبَابِ الْقِلْدُ: السِّوَارُ. وَهُوَ قِيَاسٌ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْيَدَ كَأَنَّهَا تَتَقَلَّدُهُ. وَيَقُولُونَ: إِنَّ الْإِقْلِيدَ: [الْبُرَةَ] الَّتِي يُشَدُّ بِهَا زِمَامُ النَّاقَةِ.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ: الْقِلْدُ: الْحَظُّ مِنَ الْمَاءِ. يُقَالُ: سَقَيْنَا أَرْضَنَا قِلْدَهَا، أَيْ حَظَّهَا. وَسَقَتْنَا السَّمَاءُ قِلْدًا كَذَلِكَ، أَرَادَ حَظًّا. وَفِي الْحَدِيثِ " «فَقَلَدَتْنَا السَّمَاءُ قِلْدًا فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ» ".
فَأَمَّا الْمَقَالِيدُ، فَيُقَالُ: هِيَ الْخَزَائِنُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الزمر: 63] . وَلَعَلَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُحْصِنُ الْأَشْيَاءَ، أَيْ تَحْفَظُهَا وَتَحُوزُهَا. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَقْلَدَ الْبَحْرَ عَلَى خَلْقٍ كَثِيرٍ، إِذَا أَحْصَنَهُمْ فِي جَوْفِهِ.
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ الْقِلْدَةُ وَالْقِشْدَةُ: تَمْرٌ وَسَوِيقٌ يُخْلَطُ بِهِمَا سَمْنٌ.