بيتُ القراء و المدونين
  •  منذ 6 سنة
  •  0
  •  0

حَسِبَ

(حَسِبَ) الْحَاءُ وَالسِّينُ وَالْبَاءُ أُصُولٌ أَرْبَعَةٌ:


فَالْأَوَّلُ: الْعَدُّ. تَقُولُ: حَسَبْتُ الشَّيْءَ أَحْسُبُهُ حَسْبًا وَحُسْبَانًا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرحمن: 5] . وَمِنْ قِيَاسِ الْبَابِ الْحِسْبَانُ الظَّنُّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدِّ بِتَغْيِيرِ الْحَرَكَةِ وَالتَّصْرِيفِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، لِأَنَّهُ إِذَا قَالَ حَسِبْتُهُ كَذَا فَكَأَنَّهُ قَالَ: هُوَ فِي الَّذِي أَعُدُّهُ مِنَ الْأُمُورِ الْكَائِنَةِ.


وَمِنَ الْبَابِ الْحَسَبُ الَّذِي يُعَدُّ مِنَ الْإِنْسَانِ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: مَعْنَاهُ أَنْ يَعُدَّ آبَاءً أَشْرَافًا.
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُمُ: احْتَسَبَ فُلَانٌ ابْنَهُ، إِذَا مَاتَ كَبِيرًا. وَذَلِكَ أَنْ يَعُدَّهُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَذْخُورَةِ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. وَالْحِسْبَةُ: احْتِسَابُكَ الْأَجْرَ. وَفُلَانٌ حَسَنُ الْحِسْبَةِ بِالْأَمْرِ، إِذَا كَانَ حَسَنَ التَّدْبِيرِ ; وَلَيْسَ مِنَ احْتِسَابِ الْأَجْرِ. وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْبَابِ ; لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ حَسَنَ التَّدْبِيرِ لِلْأَمْرِ كَانَ عَالِمًا بِعِدَادِ كُلِّ شَيْءٍ وَمَوْضِعِهِ مِنَ الرَّأْيِ وَالصَّوَابِ. وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ وَاحِدٌ.


وَالْأَصْلُ الثَّانِي: الْكِفَايَةُ. تَقُولُ شَيْءٌ حِسَابٌ، أَيْ كَافٍ. وَيُقَالُ: أَحْسَبْتُ فُلَانًا، إِذَا أَعْطَيْتَهُ مَا يُرْضِيهِ ; وَكَذَلِكَ حَسَّبْتُهُ. قَالَتِ امْرَأَةٌ:


وَنُقْفِي وَلِيدَ الْحَيِّ إِنْ كَانَ جَائِعًا ... وَنُحْسِبُهُ إِنْ كَانَ لَيْسَ بِجَائِعِ


وَالْأَصْلُ الثَّالِثُ: الْحُسْبَانُ، وَهِيَ جَمْعُ حُسْبَانَةٍ، وَهِيَ الْوِسَادَةُ الصَّغِيرَةُ. وَقَدْ حَسَّبْتُ الرَّجُلَ أُحَسِّبُهُ، إِذَا أَجْلَسْتَهُ عَلَيْهَا وَوَسَّدْتَهُ إِيَّاهَا. وَمِنْهُ قَوْلُ الْقَائِلِ:


غَدَاةَ ثَوَى فِي الرَّمْلِ غَيْرَ مُحَسَّبِ وَقَالَ آخَرُ:


يَا عَامِ لَوْ قَدَرَتْ عَلَيْكَ رِمَاحُنَا وَالرَّاقِصَاتُ إِلَى مِنًى فَالْغَبْغَبِ لَلَمَسْتَ بِالْوَكْعَاءِ طَعْنَةَ ثَائِرٍ حَرَّانَ أَوْ لَثَوَيْتَ غَيْرَ مُحَسَّبِ
وَمِنْ هَذَا الْأَصْلِ الْحُسْبَانُ: سِهَامٌ صِغَارٌ يُرْمَى بِهَا عَنِ الْقِسِيِّ الْفَارِسِيَّةِ، الْوَاحِدَةُ حُسْبَانَةٌ. وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِصِغَرِ هَذِهِ وَ [كِبَرِ] تِلْكَ.


وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ أَصَابَ الْأَرْضَ حُسْبَانٌ، أَيْ جَرَادٌ. وَفُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ} [الكهف: 40] ، بِالْبَرَدِ.


وَالْأَصْلُ الرَّابِعُ: الْأَحْسَبُ الَّذِي ابْيَضَّتْ جِلْدَتُهُ مِنْ دَاءٍ فَفَسَدَتْ شَعَرَتُهُ، كَأَنَّهُ أَبْرَصُ. قَالَ: يَا هِنْدُ لَا تَنْكِحِي بُوهَةً عَلَيْهِ عَقِيقَتُهُ أَحْسَبَا وَقَدْ يَتَّفِقُ فِي أُصُولِ الْأَبْوَابِ هَذَا التَّفَاوُتُ الَّذِي تَرَاهُ فِي هَذِهِ الْأُصُولِ الْأَرْبَعَةِ.


قم بتسجيل الدخول لكي تتمكن من رؤية المصادر