كاتب(ة) : عبير حسن
لماذا الحب؟؟
انبسق السؤال بعقلي، ككورة التنس تتقاذفه خلاياي، أتسأل متعجبتًا لما جلَّ الكلامات اليوم سواء المنثورة أو المنظومة على صحائف الكُتاب نسجت من الحب وحده الونًا تناولتها ريشتهم بطرائق شتَّ لترسم من الحب الوفًا مؤلفة من القصص والأنواع والالواح؟ لما أصبح الحب ولوعة الفِراق والشجن هما المادة الخام لمؤلفات اليوم؟ واظنني وجدت الإجابة بعد بُرهةً من الوقت، وهى أن الإنسان بسجيته عيناه تعتاد ما تملك حتى لا تكاد تراه، وتتطلع بلهفه وشوق لما تفقد وكأن إكسير الحياة فيه؛ ولفتذقدنا فى ظل (الميديا) والحياة ذات الأضواء والمشاعر المصطنعة، والمزيفة للحب السامى بلا تدليس وتلبيس، حب على سجيتنا المُثله.
ولكى أُثير حماستك عليّ أن أُحدثك عن جمال الظلّ وانت تائه فى الصحراء، ولأستفزازك اتلذَّذ امامك بالماء المثلج وانت ظمأن، ولأسيل لعابك اشوي اللحم بقربك وانت جائع، ولأثير خيالك اصف لك روعة وبريق القصور وانت مشرد...الخ
وهذا ما يحدث تمامًا، غشينا الظلام والضلال، واستفحل واستشرى الكذب والغش، وأستُسيغ النفاق، جفت وقست القلوب؛ وما كل ذلك إلا نتيجة لغياب الحب بأنواعه الطاهر الصداق الذي يخلو من كل معاني مادية ورغائب دنيوية فانية، كلًا ينظر البذل قبل العطاء، وأن يُحَب قبل أن يُحِب، ويأخذ قبل أن يعطى، ويتجاوز عنه قبل يتجاوز هو، يُغفر له ولا يَغفر، كلًا يصدر الأحكام ولا يحاكم نفسه، فكان طبيعي جدًا أن ينتقل الحب من بيننا إلى أنامل الكُتاب لتسود به اطنانًا من الصحائف، لفتقدِنا له وشوقنا لرؤية حقَ...
ولو لي يدًا عُليا وتُرك لي الأمر صنفت مؤلفات اليوم التى اتخذت من الحب مدتها الخام تحت بند الخيال العلمي...