بيتُ القراء و المدونين
  •  منذ 4 سنة
  •  0
  •  0

كاتب(ة) : نوال الراضي/ المغرب

إبقوا في منازلكم

وقفت حنان هلعة والفزع باد في عينيها تتأمل لأول مرة في حياتها جثت الموتى التي تحمل في أكياس سوداء، وهي تستمع إلى مقدم نشرة الأخبار قائلا: نجدد الترحاب بكم متتبعينا الكرام لنوافيكم بآخر الأخبار الوطنية والدولية، في كل يوم يسقط عدد غير محدد من المصابين تباعا في شباك وباء كورونا القاتل، وقد أدى انتشار الوباء لأول مرة في العالم إلى توقف كل الأنشطة العلمية والاقتصادية والسياسية والرياضية في كل أنحاء العالم.

توجست في نفسها خيفة حنان، جلست بجانب ابنتها على الأريكة ونطقت عن غير وعي: ابني عزيزي، أين أنت الآن؟

أريد رؤية ابني أريد سماع صوته، ابني هناك وحده في بلاد المهجر يعيش وحيدا بعيدا عني، ولا أحد يعلم حاله، من يأتيني بخبر عنه؟

قال زوجها: أنا آتيك به قبل أن تقومي من مكانك.

اتصل بابنه سعيد عبر الهاتف بالصوت والصورة فأجابه مباشرة لكونه كان متصلا، وحالما رأته بدأت بالبكاء وطرح الأسئلة تلوى الأخرى: ابني الحبيب هل أنت بخير، هل تشعر بسوء؟ هل تأكل جيدا؟ متى ستعود؟ انتبه على نفسك من كوروناـ ابق في المنزل ولا تخرج.

طمأنها هو بقوله: أنا بخير أمي لا أفعل شيئا آكل وأنام، أمضي الوقت في المنزل كما يفعل الجميع، أرجوك لا تخافي مرت على البشرية محن وشدائد شتى قبل كورونا، ولن يصيبنا إلا ما كان مقدرا علينا.

نحن مضطرون لقضاء الكثير من الوقت في المنزل بسبب الوباء، لأن جميع الأماكن العامة مثل الجامعات والمكتبات والمراكز الثقافية والصالات الرياضية مغلقة.

اهدئي أمي ستعود الحركة من جديد وسأعود إليكم ونعود كما كنا ننبض بالحياة.

رأى سعيد أخته وفاء تشاهد التلفاز ساهية تفكر بما يجول في فكرها من خواطر، حياها عبر الهاتف سائلا عن حالها، فأجابته الأخيرة بكل برودة: لا شيء، منذ أسبوعين من الحجر الصحي ونحن نعيش على هذا الحال.

أشعر بالملل كل الأيام متشابهة، لم أعد اذهب إلى الكلية لم أخرج ولم ألتقي صديقاتي منذ أسبوعين وأكاد اختنق.

أحن إلى حضور المحاضرات بالندوات والملتقيات العلمية، أشتاق إلى العودة إلى أحضان الأرض والسماء...

قاطعها مشجعا إياها: مهلا، مهلا أيتها العالمة الصغيرة اصبري لم يتبقى الكثير، تواصلي مع زميلاتك عبر الهاتف وتابعي دراستك عن بعد واقرئي الكتب، واغتنمي بقائك في المنزل لتكتبي القصص التي تحبين، سيرفع الحجر قريبا وتعود المياه إلى مجاريها.

تتابع حنان مقدم الأخبار وهو يقول: أما الآن فنتوقف أعزائنا المشاهدين مع إيجابيات كورونا والتي تتمثل في: انخفاض نسبة التلوث ونسبة الاحتباس الحراري والهزات الأرضية في العالم، كما نجت بعض الحيوانات من الانقراض، نعم أعزائنا المشاهدين إنها أمنا الأرض تتنفس من جديد بعد توقف المصانع والسيارات عن الحركة، بسبب ظهور الفيروس التاجي الذي جعل الناس يبقون في منازلهم.

يهم عزيز بالخروج، لكن حنان أمسكت يده وطلبت منه عدم الخروج خوفا عليه من أن يصاب بكورونا.

ابتسم في وجهها وقال: تريثي قليلا يا حنان هذه ليست نهاية العالم، لدي إذن بالخروج، أنا فاعل جمعوي يا امرأة، علي أن أوصل مساعدات الدولة إلى الفقراء الذين توقفوا عن العمل والذين لا يجدون ما يسدون به جوع أبنائهم الصغار، كما علي أن أقوم بتوعية الناس بخطر الوباء؛ غسل يديه جيدا بالماء والصابون ووضع كمامته على وجهه وخرج راكبا سيارته يجوب الشوارع حاملا مكبر الصوت مرهبا من الموت مرغبا في الحياة: أيها الناس ابقوا في منازلكم.

قم بتسجيل الدخول لكي تتمكن من رؤية المصادر
هذا المقال لا يعّبر بالضرورة عن رأي شبكة لاناس.