كاتب(ة) : يوسف المستوري
تجربة فاشلة !!
كانوا ثلاثة رابعهم صغيرهم , في جو معتدل و سماء صافية.. كانوا جالسين و أنا أرقبهم من بعيد.. تحدث كبيرهم في هيبة , لقد قتلت قائدهم بسهولة تامة، أجابه الآخر أن مهمته الأخيرة أصعب مما بدت عليه بداية الأمر، أما ثالثهم فقد ابتسم ابتسامة خفيفة وهو يقول، أن ما قام به لا يقارن بسهولة مهمة أصدقائه.
- لقد حصلت على عدة أسلحة كبيرة هذه المرة
- أما أنا فقد ترقيت لرتبة جنرال
- المعركة الأخيرة كانت دامية للغاية , فقدت الكثير من الدماء .. علي التروي قليلا لأعود لكامل لياقتي البدنية ..
تحدث كبيرهم محددا بثقة تامة ..
- إني أنتظر المعركة القادمة على أحر من الجمر ..
- أخبرنا عن سر كل لقوة التي تملكها؟
ارتسمت على وجهه ابتسامة شريرة و هو يقول :
- هو سر المهنة لا يكشف يا صديق ..
- فقط أخبرنا القليل لنتعلم و نحاول البقاء على قيد الحياة
بدأ يشرح لهم الأمر و صغيرهم يسمع كل شيء لا يفقه شيئا .. و أنا أكثر منه ..
منذ البداية وهم يتحدثون عن كل هذا و أنا أشاهدهم دون أن أحرك ساكنا .
فقد كانت الحكايات ممتعة .. قبل أن أستيقظ من سباتي..
كانوا ثلاثة فتية بين العاشرة و السادسة عشرة عاما .. صغيرهم كان دون الست سنوات ..
اقتربت منهم بحذر شديد لألا أفزعهم أو أكون من المكروهين ..
سألت عن الأمر .. ما كل هذا يا فتيان .. منذ متى صرتم تتحدثون عن القتل و الأسلحة كأن الأمر هين ؟..
أجابوا جميعا في لحظة..
-يبدو أنك لا تفقه شيئا من هذا .. أنتم جيل فاشل بامتياز.
لم أجب و كأني اتفقت معه .. طبعا نحن لم نكن نتعامل بالأسلحة وهذا أحد أسباب فشلنا و سوء حظنا ..
- فقط أخبروني عن الأمر ..
- يا سيدي أنها لعبة فيديو..
- كل هذا عبارة عن لعبة فيديو.؟
- طبعا , نحن نعيش لحظتنا أيها السيد .
-جميل أن تعيشوا لحظتكم , و لكن ليس لهذه الدرجة
فهناك فرق بين التسلية و الإدمان ..
- لا تبدأ مجددا كعادة كبار السن .. تفنى الدنيا و لا تنتهي منكم النصائح ..
هناك سكتت و بلعت لساني ...
لم اعد أعلم ما الذي تغير حقا .. أنحن أم الدنيا .
أتيت المنزل خائب الظن .. فجأة طرأ لذهني أن أجرب اللعبة.
لأعلم ما الذي حدث حقا ..
بعد تحميلها .. دخلت لأجد نفسي في عالم آخر .
كانت المرة الأولى ممتعة حقا ..
قررت أنني لن أكون مثل هؤلاء الفتية و لن أدمن ..
فأنا رجل راشد استطيع التحكم في وقتي.
في المساء .. تصفحت كتابا لخمس دقائق و كأن شيئا ما اصبح يجذبني نحو الهاتف، طمأنت نفسي أنني أصلا قررت اللعب مرتين في اليوم دون تمطيط.
دخلت العالم الافتراضي مجددا .
قاتلت و قتلت و فقدت الكثير من الدماء قبل أن أحصل على مساعدة بعض الأصدقاء الذين تعرفت عليهم في ذلك العالم .
صرت قائدا الآن بعض حصولي على ترقية ..
و حصلت على أصدقاء كثيرين أوفياء .
قررت التوقف قليلا .. لأتمم أعمالا عالقة على الطاولة ...
في اليوم التالي بعد وقت الغداء .. تأنيت الحصول على قيلولة كعادتي .
و فور وضعي لرأسي على الوسادة إذ أحسست مجددا بذلك الإحساس..
و كأني أسمع صوت دقات الطبول كما يحدث في فيلم جومانجي الشهير ..
طبعا هؤلاء الناس لا ينتجون فيلما دون هدف ما ..
و أظن أن الهدف منه هو هذا ..
فتحت الهاتف مجددا و دخلت بسرعة أجواء العالم الآخر ..
لم استطع الإحساس بالوقت يمضي و يمضي .
كانت الساعة كدقيقة و الساعات كربع ساعة ..
بعد أسبوع .. وجدت نفسي مدمنا بامتياز .. كل وقتي صار عامرا .
عالم آخر داخل عالمي ..
في كل مرة أهرب إليه ..
صرت مدمنا الآن .. بل صرت خبيرا جدا ..
تذكرت الفتية الصغار .. و حديثي معهم ..
هنا نصحني أحد أصدقائي أن عيناي قد إسودتا .. علي التقليل من استعمال الهاتف
أخبرته أنه لا يفقه شيئا .. و ليست لي حاجة لنصائح كبار السن هذه .,.
تبا ما الذي يحدث لي ..
هل تبادلت الأدوار مع أولئك الصغار ..
إن هذه الألعاب لإدمان جميل . يخرجك من تفاهات العالم و مشاكله ..
تذكرت أني سمعت هذا الحديث .. من شخص ما.
طبعا من صديق لي ..
كان يدخن السجائر بنهم .. و بعد نصيحتي إليه أجابني بنفس الطريقة ..
هنا اكتشفت أن الإدمان واحد..
الإدمان يبقى إدمان و لو تعددت الوسائل..
التدخين إدمان كما الألعاب..
كل ما في الأمر أننا نرى دخان السجائر..
و لا نرى أدخنة الألعاب ..
طبعا مازلت أبحث عن حل لهذه المعضلة الكبيرة ..
و لا حاجة لي لنصائح كبار السن مجددا .
فهؤلاء لا يفقهون شيئا من الحداثة و العصر الجديد ..
لا أدري ما أقول ..
هل الإدمان يفعل بي كل هذا .. حتى أنني صرت عصبيا متعصبا تجاه ألعابي ..
لا اسمح لأحد أن ينتقدها ..
فكيف لي أن أتحرر من عبوديتي الجديدة ..