كاتب(ة) : شريف نجاح
لا تأخذه سنة ولا نوم .. كيف نتعرف صفات الله
{أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ}(النمل:25) قالها الهدهد.. قالوا عرف الهدهد ربه من خلال خبرته بالحياة ومن خلال صفته هو لأنه يعرف الماء الخبيء تحت الأرض ويستخرج الدود الخبيء.
نعم لم يكتفي الهدهد بذلك فأضاف في حديثه لله صفة الكمال {وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ۞ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ۩}(النمل:26) لكنه كمال يعرف من خلال المخلوقات حتى المخلوقات المتوهمة من باب التسليم بالعظمة غير المدركة.
كنت أحيانا لا أنتبه للوقت فاتصلت بأحدهم قبل الفجر بساعة تقريبا.. ظنا مني أن الوقت باكر وكان نائما وأجابني من حشجرات نومه.. شعرت بحرج شديد بعد ذلك وشكرت للرجل حسن خلقه وحلمه.. أردت الاتصال بأحدهم فتخوفت أن يكون نائما.
تمنيت لو أن لي صديق لا أستحي من إيقاظه وقتما أشاء ولا أبالي بتذمره وغضبه ولا يكرهني لذلك.. ثم تذكرت: {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ}(البقرة:255) فكان شعوري بها مختلفا.. يا لها من نعمة! نعم هي متضمنة صفة الكمال، لكن معرفتها أيضا من خلال احتياجنا لها معنى آخر ! وإلا هل لو كنا خلق لا ينام كنا سندرك تلك الصفة كمالا أو تنعما.
وقد ختمت آية الكرسي بما ختمت به آية النمل وهي كلمة (العظيم) وفي آية الكرسي (ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه) وفي النمل (أحطت بما لم تحط به)
قالت أمنا عائشة فيما رواه النسائي وابن ماجة والبخاري تعليقا: «الحمدلله الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول فأنزل الله تعالى قد سمع [المجادلة: ١] »
فهل زادها الموقف علما نظريا كلاميا أم ماذا ؟
عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: "أنَّ ولِيدَةً كَانَتْ سَوْدَاءَ لِحَيٍّ مِنَ العَرَبِ، فأعْتَقُوهَا، فَكَانَتْ معهُمْ، قالَتْ: فَخَرَجَتْ صَبِيَّةٌ لهمْ عَلَيْهَا وِشَاحٌ أحْمَرُ مِن سُيُورٍ، قالَتْ: فَوَضَعَتْهُ - أوْ وقَعَ منها - فَمَرَّتْ به حُدَيَّاةٌ وهو مُلْقًى، فَحَسِبَتْهُ لَحْمًا فَخَطِفَتْهُ، قالَتْ: فَالْتَمَسُوهُ، فَلَمْ يَجِدُوهُ، قالَتْ: فَاتَّهَمُونِي به، قالَتْ: فَطَفِقُوا يُفَتِّشُونَ حتَّى فَتَّشُوا قُبُلَهَا، قالَتْ: واللَّهِ إنِّي لَقَائِمَةٌ معهُمْ، إذْ مَرَّتِ الحُدَيَّاةُ فألْقَتْهُ، قالَتْ: فَوَقَعَ بيْنَهُمْ، قالَتْ: فَقُلتُ هذا الذي اتَّهَمْتُمُونِي به، زَعَمْتُمْ وأَنَا منه بَرِيئَةٌ، وهو ذَا هُوَ، قالَتْ: فَجَاءَتْ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأسْلَمَتْ، قالَتْ عَائِشَةُ: فَكانَ لَهَا خِبَاءٌ في المَسْجِدِ - أوْ حِفْشٌ - قالَتْ: فَكَانَتْ تَأْتِينِي فَتَحَدَّثُ عِندِي، قالَتْ: فلا تَجْلِسُ عِندِي مَجْلِسًا، إلَّا قالَتْ: وَيَومَ الوِشَاحِ مِن أعَاجِيبِ رَبِّنَا... ألَا إنَّه مِن بَلْدَةِ الكُفْرِ أنْجَانِي قالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلتُ لَهَا ما شَأْنُكِ، لا تَقْعُدِينَ مَعِي مَقْعَدًا إلَّا قُلْتِ هذا؟
نعم من أعاجيب ربها وستظل تذكرها دائما كلما جلست مجلسا.. وعلى هذا عقل السلف وتقبلوا صفات الله تعالى بلا تعطيل ولا تكييف.. تقبلوا ما تجلى لنا منها مدركين حدود الطاقة والإحاطة وأن الوصل يغني عن كثير من الفكر.
للعقل حين يريد حد الحق إظلام الهواجس
أشرق بقربك ينقشع منها المناغز والمشاكس
ما فكركم والذوق يغزو أضلعي والجلد حاسس
{ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته}[الروم: 46]
فهل بعد ذوقها سؤال عن كنهها أو حاجة لتعريفات وتحديدات المتكلمين