كاتب(ة) : يوسف المستوري
شيخوخة قبل الأوان !!
بينما كنت أتصفح إحدى المواقع الاجنبية , و التي لا أتذكر إسمها مجددا ,
لكثرة الضغوط التي يعاني منها رأسي المسكين حتى
صار ناسيا لأبسط و أهم الأشياء بسرعة ,
أثار إنتباهي خبر أن بعض الباحثين في ساوباولو و هارفرد ..
إكتشفوا أن بياض الشعر يسببه الضغط النفسي ,
و ذلك من خلال تدميره الخلايا الجدعية ..
إن كنت تتساءل , ما هذه الخلايا ا؟ ..
هي خلايا يتجلى دورها في إنتاج مادة الميلانين .
مادة الميلانين هذه هي المسؤولة عن إعطاء جلدك و شعرك و عينيك لونهما ,
و هي عبارة عن أحماض أمينية من نوع تيروسين ..
حيث تحدث تفاعلات داخل حويصلات هذه الخلايا..
ليتحول التيروسين إلى نوعين من الميلانين لدى البشر ;
نوع عادي يتجلى في اللون الأسود و البني ..
و نوع غير عادي يتجلى في اللون الأحمر و الأصفر ..
قبل أن تصنف نفسك عاديا أم غير عادي ..
دعنا نكمل ..
بعد هذه العملية , تعمل الخلايا الصبغية على نقل هذه المادة إلى خلايا الجسم ;
الخلايا الكيراتينية ,خلايا الجلد , و العين و بصيلات الشعر .
ليتم بذلك إعطاؤها اللون التي هي عليه .
فتظهر انت بلونك الخاص ..
لا أريد أن أثقل رأسك الجميل بضغوطات و تفسيرات العلوم هذه .
و ربما أكون سببا في ظهور بعض الشعيرات البيضاء في شعرك الجميل .
كما أخبرتك آنفا ,
هؤلاء العلماء إكتشفوا أخيرا أن سبب شيب الشعر هو الضغوطات النفسية .
و لا أنكر أنهم على حق ..
و هنا تذكرت سيدة غريبةحدثتني عن هذا الأمر ذات يوم;
و بينما كنت أخوض و إياها حديثا عن الحياة و همومها ,
أخبرتني الغريبة أن هموم الدنيا تشيب الرأس ..
تساءلت ; كيف ذلك و ما علاقة الهموم بالشعر !!
أجابتني مجددا ;
أن مشاغل الحياة تجعل الإنسان يكبر قبل أوانه .
و تجعل شعره يبيض و يسقط من كثرة الهم .
هموم الدنيا يا بني إن تركتها تتحكم فيك لن تترك في رأسك شعرة واحدة بيضاء .
طبعا و كعادتنا نحن الشباب المفعمين بالطاقة ;
إيجابية و سلبية ...
لم أعر إهتماما كبيرا لما كانت تقول ,
فنحن بطبعنا نكره الحقيقة .
تركتها و مضيت في طريقي .
و الآن بعد قراءتي لهذا الخبر ;
إكتشفت أنها كانت محقة .
طبعا لا أخبرك أنها أفضل من هؤلاء العلماء - الذين تتخيلهم دوما بالبلوزة البيضاء و قد إبيض شعرهم من كثرة التفكير .
و لا أفضلهم عليها ..
لكني أود أن أخبرك فقط أن لا تتجاهل نصائح الكبار .
و لا تستخف بهم .
لا تؤاخدني حين أطيل الكلام فنحن هكذا نعشق الكلام كثيرا ,
و نكره الإنصات و التعلم ...
نعم .. كنا نتحدث عن بياض الشعر ..
و حين الحديث عن شيب الرأس , لابد لي أن أتذكر صديقاي ..
صديقي الأول الذي يكره ظهور شعرة واحدة بيضاء في رأسه الكبير ..
و ذلك لأن الأمر يظهره طاعنا في السن , كما يقول .
و صديقي الآخر الذي يعشق اللون الأبيض ;
يحب شيب الرأس لأنه يظهره شخصا ذو هيبة , شخصا جادا ذو تجارب في الحياة .
كما أن النساء يحبن الرجل الأشيب لأنه مسؤول و ذو خبرة في التعامل , هكذا كان يقول .
طبعا هو لا يدري أن الأمر عبارة عن صبغة تتحكم فيها الخلايا فقط
ولا علاقة للتجارب بالأمر .
حسنا , لكل وجهة نظره و لكل رأيه الخاص ..
لكن الأمر المحزن حقا ليس شيب الرأس من عدمه .
بل في شيخوخة القلوب قبل أوانها..
موت الأفئدة قبل لأوان..
نحن يا صديقي نعاني بشدة من شيب القلوب أكثر من شيب الرؤوس..
قلوبنا يا سيدي إقتربت من الموت كثيرا ..
لا أتحدث عن توقفها عن النبض ..
بل التوقف عن النبض بالمحبة و الإحسان ..
أرواحنا صارت تعاني الإفلاس..
عقولنا لا تدري ما تريد ..
شبابنا يتوهون عن طريقهم و لا يدرون أي الفريقين أفضل ..
لا يدرون ما الأبيض و ما الأسود ..
هناك مقولة جميلة لعلي عزت بيجوفيتش يقول فيها :
"هناك أناس يعيشون فقط بيولوجيا , و هم أموات عاطفيا و نفسيا ,
أن تكون حيا فهذا يعني قبل كل شيء أن تكون حيا روحيا".
لذلك لا أعتقد أن بياضا شعر الرأس من عدمه من الأشياء المهمة في الحياة ..
طالما ما زالت أرواحنا تعاني الإفلاس .
لذلك أتساءل حقا ..
هل بإمكانكم أيها العلماء الكرام أن تكتشفوا لنا دواء لمحاربة داء فقر القلوب .