كاتب(ة) : الكاتبة بشرى حميد عبد
الفساد الاداري مرض المؤسسات الحكومية المزمن
إن من أهم الأسباب التي ادت الى ظاهرة الفساد الاداري تكمن في النظام السياسي والفوضى و عدم أستقرار البلد و غياب أنظمة الرقابة بأنواعها.
فقد كانت الانظمة التي يقودها ويؤسسها جهلة وفاسدين من أكثر الأنظمة السياسية في التفنن في اقتراح الأنظمة الرقابية بل إن الرقابة تلك هيمنت على جوانب حياة المواطنين كافة لاسيما في مجال حرية الرأي والتعبير وحرية تشكيل الأحزاب والنقاب ات والتجمعات السياسية والاجتما عية والثقافية.
وبعد عام ٢٠٠٣ فقد الغت المحاصصةالطائفية والحزبية دور الادارة الوطنية الناجحة والتي تعتمد على الكفاءة والمهنية، مما اعطى فرصة نوعية لا مثيل لها لظاهرت الفساد بأن تنمو في بيئة خصبة تتمثل في الرشوة والسرقة واستغلال النفوذ وكل أنواع الفساد .
حيث كان لهؤلاء الفاشلين المتملقين للاحزاب الحظ الأوفر في السلطة بديلاً عن شخصيات عراقية وطنية كفوءة، ويوماً بعد اخر يكتشف حجم الجرائم المالية التي ارتكبت بعد أن تكامل مشهد الفساد.
ويعرف الفساد الاداري بأنه: هو انتهاك القوانين والانحراف عن تأدية الواجبـات الرسمية في القطاع العام عن تحقيق المصلحة العامة لتحقيق مكسب شخصي، ويعرف من خلال المفهوم الواسع بانه الإخلال بشرفي الوظيفة ومهنيته أو بالقيم والمعتقدات التي يؤمن بها الشخص، وكذلك هو اخضاع المصلحة العامة للمصالح الشخصية ان ظاهرة الفساد تعرقل عملية البناء والتقدم في كافة المستويات الاقتصادية و المالية والسياسية والاجتماعية والثقافية لعموم أبناء المجتمع، فهي تهدر الأمـوال والثروات والوقت والطاقات وتعرقل أداء المسؤوليات وإنجاز الوظائف والخدمات.
الفساد ظاهرة تتداخل في كل قطاعات المجتمع وعلاقاته، ابتداءً من الدولة بمؤسساتها الرسميــة التشريعية والتنفيذية و القضائية و مؤسسات الثقافة والاعلام، وانتهاءاً بالأفراد في تعامل اتهم اليومية.
ان الفساد له آلياته التي تؤثر في نسيج المجتمعات و سلوكيات الأفراد مما يكون له آثار معاكســة واضحـــة ومباشرة على التنمية الاقتصاد ية وتخلفها، ونذكرمناهم آليات الفساد مايلــــي (1) :
أ- الرشوة بجميع وجوهها وفي القطاعين العام والخاص والاختلاس بجميع وجوهه وإساءة استغلال الوظيفة والثراء غير المشروع و عدم التقيد بالقوانين والانظمة، وعدم تقديم الخدمة بعدالة ومساواة .
ب- الاستغلال غير المشروع من قبل الموظف للصلاحيات الإدارية او المنصب الحكومي المخول له وفق القانون، وقد يكون هذا الاستغل اللإغراض شخصية او نفعية او لم يول او قبلية و كل ما يدخل تحت نمط المحسوبية و مما يخل بعدالة العمل الحكومي الإداري.. وكذلك استخدام مال التعجيل ويسمى بالعمولات commission وهو المال الذي يدفع لموظفي الحكومة لتعجيلالن ظرفي أمر خاص للغير.
ت- استغلال الفساد الحكومي او الإداري من قبل القطاع الخاص، ومن امثلة هذا الفساد تسليم مشاريع اقتصادية لشركات معينة خارج إطار المناقصات، مقابل مادي او نفعي مما يؤثر على نزاهة العملية ويضر بالصالح العام او اشتراك بنوك معينة في عمليات مالية مشبوهة مثل تمويه الأرصدة.
ث- المخالفه للقوانين واللوائح والقيم والأخلاق .
ج- السرية التامة في ممارسة الفساد وبطريقة غير مباشرة والاعتماد على التحايل والخديعة في التعامل.
ح- الروتين في عمل دوائر الدولة و وضع العراقيل في طريق مصالح المواطنين والتقاعس عن اداء الوا جب.
د- الموظف الوهمي او مايعرف (با لموظفين الفضائين) وهي ظاهره ان فرد فيها الواقع العراقي ولا توجد في المؤسسات الحكومية لاي دولة مثل هذه الحالة، حيث انتج الفساد الاداري المستشري في القطاع العام موظفين بلا وظائف وبالمقابل تخصص لهم مبالغ ماليه تكاد تكون اعلى من اجور الموظف الحقيقي .
ك - البطالة المقنعة: وهم موظفين بلا وظائف، يتقاضون رواتب دون اي خدمة في العمل او مقابل هدمة محدوده جدا، اما بسبب علاقات حزبية ووساطات سياسية او عشائرية وكل هذا على حساب الخريج من اصحاب طبقة عامة الشعب الذي يبقى في طوابير الانتظار بلا تعيين مهما كانت كفائته وشهاداته، او على حساب موظفين اخر يوكل اليهم كل الاعمال للتغطية على البطالة المقنعة او بمعنى اخر الفائض من الموظفين من اصحاب الطبقات السياسية من الشعب
فقد كانت الأنظمة المتغذية على الفساد انواع من الفساد، ابرزها الفساد المالي، والفساد الاخلاقي، الفساد الاقتصادي، والفساد الاداري وهو جوهر بحثنا هذا - ويتعلق بمظاهر الفساد وا لانحرافات الإدارية والوظيفية أو التنظيمية وتلك المخالفات التي تصدر عن الموظف العام إثناء تأديته لمهام وظيفته في منظومة التشريعات والقوانين والضوابط، ومنظومة القيم الفردية.
وهنا تتمثل مظاهره في الامتناع عن أداء العمل أو التراخي وعدم تحمل المسؤولية، وإفشاء أسرار الوظيفة، والمحسوبية في التعيينات الوظيفية، و استغلال المناصب، ومظاهره متعد دة ومتداخلة كانت سببا في انتشار بعض المظاهر الأخرى .
وفي العراق يبرز الفساد الإداري بصورة اكثر وضوحاً كما ان أثاره أكثر خطورة ومرجع ذلك أسباب عديدة،لعل في مقدمتها اإناطة مسؤوليات كبيرة وصلاحيات واسعة لأشخاص غير كفوئين لا يحملون من مؤهلات غير الطاعة و الولاء الأعمى لحزب او جهة ينتمي اليها، والذين غالباً ما يعفون من ايةمحاسبة مهما كانت الأخطاء المرتكبة (ولو كارثية كانت) وفي ظل هشاشة المساءلة والمحاسبة وتراخي قو انين العقوبات الرادعة، فضلاً عن عدم نزاهة و استقلال الجهاز القضائي، وفي ظل غياب الشفافية والعلانية والمساءلة مع تغييب كامل لدور السلطة التشريعية في الرقابة ومساءلة وزارات الدولة، ان تلجأ هذه الفئة الى تعيين الموظفين في المواقع الإدارية العليا على أساس المحسوبية والمنسوبية وهو اخطر انواع الفساد، الامر الذي ادى الى ضعف في فاعلية الأداء المؤسسي وتدني مستوى الأداء الاقتصادي وانخفاض مستوى الدخل خاصة في المستويات الدنيا للبيروقراطية، الأمر الذي دفع الكثير منهم لاستغلال مواقعهم الوظيفية لتحقيق رغباتهم في جني الثروة.
من جانب آخر أكدت هيئة النزاهة في العراق وهي من المؤسسات الرق ابية التي انشأت سنة 2004، أن خسائر العراق خلال السنوات الخمس الأخيرة التي أعقبت سقوط النظام السابق، نتيجة ا لفساد الإداري والمالي بلغت 250 بليون دولار، ووصفت هذه النتيجة بـ الكارثية بين بلدان العالم، واعتبرت الهيئة الأمانة العامة لمجلس الوزراء البؤرة الأخطر للفساد، فيما احتلت وزارة الدفاع مرتبة متقدمة بين الوزارات في هذا المجال. بحسب جريدة الشرق الوسط وتعتبر مشكلة الفساد المالي والاداري الذي تعا ني منه مؤسسات عديدة في الدولة العراقية الجديدة عائقا كبيرا وتحديا صعبا يقف امام ازد هار وتقدم البلاد، بعد خمس سنوات على الغزو الذي ق ادته الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا في مارس (آذار) عام 2003 ومما يعزز هذا الاعتقاد تواتر التقار ير والأبحاث الدولية مؤخرا التي تضع العراق في مرتبة دنيا في سلم الدول المبتلية