كاتب(ة) : الكاتبة بشرى حميد عبد
الاعتراف ليس سيد الأدلة ، قصة من الواقع
مازال القانون العراقي وغيره من القوانيين تعتبر أن الاعتراف هو سيد الادلة! حيث أن الجريمة تحتاج الى أدلة إثبات على وقوعها ومن ارتكبها وبدون الادلة يبقى الجريمة مجهولة.
والاعتراف هو أحد هذه الادلة لكنه لا يغني عن ضروة وجود ادلة اخرى ضد الجاني فقد يكون الاعتراف تحت تاثير التهديد، أو الضغط النفسي،أو مرض نفسي أو عصبي، أو لدوافع إجتماعية هدفها إبعاد التهمة عن المجرم الحقيقي مثل أب يعترف بالجريمة لانقاذ ولده، كما أن هناك من يعترف بجريمة مقابل مبالغ مالية من ارباب العمل واصحاب النفوذ.
ولعل هناك العديد من الجرام التي اغلق ملفها بسبب اعتراف شخص ما بانه مرتكب للجريمة، فاُدخل السجن أو أعدم ، لكتفاء المحاكم المعنية باعتراف احدهم وان كان شريك في الجريمة دون التحري عن ادلة اخرى ومجرمين اخرين.
من أبرز القصص التي أستوقفتني هي قصة السيده الامريكية "كاثي وودز " والتي شكلت وصمة عار للنظام القضائي الامريكي وبدأت قصتها عام ١٩٧٦ حينما كانت تعمل في جامعة رينو بولاية بيفادا الامريكية حيث حدثت جريمة قتل لإحدى الفتيات في الجامعة، ولم تعثر السلطات المختصة على الفاعل آن ذاك، وفي عام ١٩٨٠ اعترفت "كاثي" عند التحقيق معها بانها ارتكبت الجريمة والتي كانت مريضه في ‘حدى المصحات النفسية وصدر الحكم عليها بالسجن مدى الحياة.
لكن ماحصل لا يصدق، ففي عام ٢٠١٥ تبين أن كاثي بريء بعد ‘كتشاف أدلة جديدة، ومن ضمنها سجارة في مسرح الجريمة وبعد تحليل الحمض النووي على السيجارة أثبت أن الاثر البايلوجي يعود لشاب يدعى "رودني هالبورد " ثبت إرتكابة سلسلة عمليات ضد فتيات في نفس العمر.
وقضت المحكمة بدفع تعويض للسجينة السابقة مقدارة ٣ ملايين دولار من أجل تسوية للدعوى المرفوعة من كاثي ضد السلطات المختصة لإنها قضت ٣٥ سنة من عمرها في السجن وهذا ما لا يمكن للمال تعويضه، لكنها وبحسب قولها تريد أن تأمن وضعها الصحي ومعيشتها للايام القادمة.
وإذا كان القضاء الامريكي بهذه الشجاعة وأقر بالحقيقة ولو بعد ٣٥ سنة، هل لقضائنا أن يكون بنفس القوة ، وأن يبحث عن الحقيقة بكل السبل لان الاعتراف ليس سيد الادلة