كاتب(ة) : بوطيب عبد الرحمن
نقطة الصفر.
«نقطة الصفر».
1... «طفلة».
"قصة متسلسلة".
إضاءة: هذه قصة من نسج الواقع،
إن سبحتْ في عوالم الخيال، فما ذاك إلا محض صدفة.
عبد الرحمن بوطيب.
———————————
في شبابه، لم تكن له أحلام، لم يكن يفكر في مستقبل، لم يخطط، ولم ينفّذ.
كان يَطْعَمُ وينام، ينام ويستيقظ، يدخل ويخرج، يدرس وينجح.
وما كان يجتهد لينجح، كان النجاح يدق أبوابه، ولم يكن يستوعب أنه ينجح ويكبر.
بدأ يكبر، تعلم كيف يدخن، وكيف يسهر، وكيف يغني لعبد الحليم وعبد الوهاب وفيروز، وتعلم كيف يردد أغنيات هنديات لا يفقه من معانيها حرفاً.
حاول إتقان غناء أغنيات رومانسيات، ذلك أنه تعلم بإتقان كيف يجعل العذارى يتسابقن للفوز بقلبه،
كن يتغزلن بِشَعْره الطويل،
وكن يتهامسن بِسِرِّ الشَّبَهِ بينه وبين العندليب الحزين.
ذات مرة أَحَبَّ، عاش الحبَّ في قلب الحدث، صار شَعْرُهُ يعرف الطريقَ إلى الحلاق، وصار جيبه يعرف الطريق إلى قاعة سينما "الأوبرا" تعانقه حبيبته الصغيرة الشقراء، تردد على صدره أغنيات هنديات لا تفقه من معانيها حرفاً، ما كان يسعدها هو أنها كانت تغني له على صدره.
كانت الشقراء طفلة صغيرة، ربّاها على يده، مرة يقبلها ومرة يغضب منها، وكانت مرة تقبله، ومرة أخرى تقبله... وكانت شقية لذيذة.
علمها كيف تحبه، وعلمته كيف يعشقها.
الجميل في الحكاية، أنه بعد عشر سنين من حب جارف مَلّها، وبعد عشر سنين مَلّت مراوغاته، لم يُظْهِرْ لها استعداداً واقعياً للزواج، أتتها فرصة، صارحته، بارك لها الفرصة، ودعا لها بالخلف الصالح، عانقته، أكلت شفتيه، بكت على صدره، غنت له أغنية الوداع الهندية، وتزوجت.
هو إلى اليوم لا يعرف هل خلّفتْ أم لم تخلّف خلفاً صالحاً أو طالحاً.
وفي الدواخل عشق دفين،
أحلام تفر من قلب لا يستكين...
ينبض.
وعلى نفس المقعد بقاعة "الأوبرا" كان وحده يجلس، تترامى إلى مسامعه أغنيات هنديات والعين منه مغمضة تتذكر الصدر على الصدر وأنفاساً تتصاعد حرّى بين الجملة والجملة من أغنية هندية لا يفقه من معانيها حرفاً.
أيا دوحة العشاق،
لم كان الفراق...
والقلب ينبض؟
«يتبع».
"لقاء".
"عبد الرحمن بوطيب" - المغرب.