كاتب(ة) : روابح سهام
السياسة و الدين
مسلم، مسيحي، يهودي، ديانات سماوية تشترك في إله واحد -مع تحريف بعض الكتب-، وإن اختلفت الرسل.. كون الفرد يهودي أو مسيحي ذلك لا ينقصه من وطنيته أو انتماءه لبلده، بل يعزز فقط الإختلاف العرقي في مجتمع ما له الحق في ممارسة شعائره الدينية وفق القوانين المعمول بها.
لكن من المفاهيم التي تفتقرها المجتمعات العربية مفهوم التعايش السلمي بين كافة أطياف، هذا البناء الإجتماعي فالإختلاف في الدين ليس بالضرورة الإختلاف في المصالح و الأهداف، و تقبل الطرف الآخر لا يعني بالضرورة ترجيح كفة دين على آخر، بل كلنا سواسية تحت ميزان العدالة فنحن نخضع لنفس القوانين الجزائية و الإنسانية.
- هل أصبحت إنسانيتنا منسية؟!
- هل أصبحنا متخلفين.. فكريا، ثقافيا، دينيا؟!
- هل أصبحت الحكومات تستثمر في الإختلاف كنقطة ارتكاز في مشروع الإستيطان المشروع و الممنهج؟!
- السياسة و الدين أيهما يقود المجتمع؟!
قبل الشروع في مناقشة هذا الموضوع سنحاول تبسيط هذان المصطلحان المعقدان، فالسياسة هي تلك المنظومة التي تحاول رعاية المجتمع و مصالحه الداخلية والخارجية، فهي تلك الإجراءات التي تحدد العلاقة بين الحاكم و المحكوم.. أما الدين فهو ذلك الإيمان المطلق بفكرة أو توجه والسير عليه و تبنيه و الإعتقاد به.
لم تطرح جدلية الدين والسياسة في المجتمع الإسلامي بشكل مبكر، إلا في العصر الحديث وذلك بعد الإنفتاح على أوروبا والإطلاع على تجربتها الناجحة في فصل السياسة عن الكنيسة، ومن هنا طرح التساؤل حول حتمية فصل الدين عن السياسة في المجتمعات العربية، وهل من الممكن إسقاط التجربة الأوربية وتطبيقها على أرض الواقع!! ومن هنا برز مصطلح العلمانية في الفكر الأسلامي وإمكانية فصل الدين عن الدولة.
الدين.... بين الإستغلال والمتاجرة
أصبح الدين يستغل و يستنزف من قبل الساسة، لتطويع الشعوب و "أفينتهم" لأن من شروط التحكم في الشعوب حسن إستعمال الخطاب السياسي، الذي يؤسس على منطلقات دينية.
فيقول: ماكيافيلي: "ان الدين ضروري للحكومة لا لخدمة الفضيلة، ولكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس، كان المواطن الروماني يخشى حنث اليمين أكثر من القوانين، لأنه يهاب أولئك الذين يمثلون سلطات الرب أكثر من الرجال" (1).
فلاشك أن الدين يحضى بمكانة جد خاصة في المجتمعات العربية، ومن أجل الحفاظ على الإستقرار السياسي لابد من إتخاذ الدين كأداة فاعلة لخدمة الحاكم، وعليه نجد جل الخطابات السياسية تتلون بصبغة دينية، فحتى مساجدنا تشبعها بإيديولوجية معينة.
كما أن المجتمعات العربية بشكل خاص ترفض بشكل قطعي فكرة العلمانية، فبالنسبة لهم الحديث عن مثل هذه المواضيع ضرب من الجهل.
ولكن إن انسلخنا عن الجانب العاطفي وتحدثنا بنوع من الحيادية نجد أن السياسية والدين لا يجتمعان في أغلب الأحيان وخطوة الفصل في بعض القضايا لا بد منها.
ولان الدين اتخذ من قبل الساسة كدريعة لتوسيع الهوة بين مختلف الأديان والأقليات وشجع على العنف و القطيعة في بعض البلدان العربية، فمن يريد جذب أكبر شريحة من المجتمع يطوع الدين للسيطرة على العقول وإخضاع الفرد والجماعة تحت مسمى المصلحة العامة، بمباركة دينية وأن فكرة المعارضة نوع من التكفير يجب فصل بشكل تام الخطاب السياسي عن الدين، وترك لهذا الأخير قدسيته فالسياسة نفاق والنفاق والدين لا يجتمعان.