كاتب(ة) : الكاتبة بشرى حميد عبد
عمر وشهد شهيدان في حرب الطائفية
قصة من الواقع
لم يكن يعرف أنه حين غادر بغداد وكان في قرارات نفسه يقول أنه لن يعود، أن روحه ستعود اليها ،لتطوف بين شوارعها؛ باحثةً عن توئمها وشعلة النور لها، لم يكن يخطر في باله أنه حين لملم أغراضه ورحل، حمل كل شيء إلا قلبه الذي ظل معلقًا في بغداد، لم يكن يتخيل أنه سينشطر نصفين، نصف في ألمانيا، ونصف في بغداد.
انها بداية قصة عمر الذي يعمل ضمن مجموعة الطوارىء للاغاثة الانسانية، هاجر إلى ألمانيا
وكانت له حياة جديدة، يهتم لأخبار الواصلين إلى الجزر اليونانية، يحاول انقاذ القوارب المحملة بالفارّين من الموت والخوف، كان في نهاية يومه يرقد بسلام في غرفته منهار على سريره من شدة التعب.
وفي ذات ليلة تعرف على فتاة عراقية عبر صداقة الفيسبوك، كانا يتواصالا كلما سمحت لهما الظروف وتزامن الوقت في ألمانيا مع توقيت بغداد؛ لكي يتحاورا.
ومرت الأيام وزادت ساعات الحوار، وزاد معها التعلق والشغف، تحولت صداقتهما إلى حب، والحب الى فكرة حياة مشتركة يرتبط كل منهما مع الاخر الى الأبد.
لم يتخيلا أبدًا أن الحروب الطائفية مازات مستعرة، ولا مجال للحب فيها.
ترك عمر ألمانيا وعاد ليرتبط بتوأم روحه، بعد أن كان حلمه مغادرة العراق، صارت روحه متعلقه بها، ولا يقوى العيش بعيدًا عن سماه.
كانت شهد قد استعدت للحرب من اجل الحب، نفضت غبار الطائفية من قواميسها، وأصبح قلبها لا ينبض إلا له.
كلاهما حارب، وحاول، وقاوم، كانا يتعلقا ببعض أكثر و أكثر، ويتماساكا بقوة أكبر، وبين سجن الطوائف والخوف على سمعة أهل شهد، عاد عمر إلى ألمانيا محمل بجرح عميق أصاب قلبه، وبقي ينزف بصمت وهو في الغربة وحيد ينتظر معجزة أن تتحقق، فلا يفارق حبيبته أبدًا، لعل القدر يكتب لهما نصيب فيجتمعا.
لكن.. قلبه كان أصغر من أن يحتمل كل هذه الخيبة والوجع، أُصيب بسكتة قلبية أسكتت قلبه واطفأت بريق عينيه للأبد.
ياترى ماحال شهد؟ كان يسأل وهو في عالم الموت يترقب، يسأل الملائكة عنها حتى جاءه الخبر، لقد ماتت شهد. لم تتحمل العيش دون حبيباً كان كل ذنبه أن اسمه عمر
انها ليست قصة عمر عبدالستار وحده، انها قصة كل عمر، ليس له ذنب في اختيار اسمه ولا طائفته، لكنها الحرب التي دفع ثمنها مئات الشباب مثل شهد وعمر. انها قصةعمر.