كاتب(ة) : بوروبة لينة
ربما الأبسط يكفي
قم بالمستحيل...
قم بافضل ما لديك...
هذا كل ما نسمعه من تشجيعات و نصائح من الاخرين للوصول لاهدافنا و تحقيق احلامنا و التغيير من واقعنا، ولا استطيع القول انها لا تأتي بنتيجة.. لانه من الصحيح اذا عملت بجد وجدت ما اردت.
لكن ما يراودني من تساؤل لما لم يخبرنا احد يوما، ان نفعل ادنى الاشياء و ابسطها بعيدا عن المستحيل! اليس بابسط الاشياء يتغير الواقع!
اذا طرحت نقاشا في جلسة علمية حول انتشار المجاعة في دول العالم الثالث، ستجد الاجابات و الآراء تتمحور حول ان نحن الشعوب لا نستطيع مكافحتها يجب ان يتم التدخل من الدول العظمى اقتصاديا من اجل السيطرة عليها، الم تراودكم يوما فكرة ان الدول العظمى منذ عشرات السنين تتدخل و تحاول ايجاد حلول حسب تصريحاتها و مبعوثيها من مشاهير و سياسيين! لكن دون جدوى و لازالت المجاعة طاغية على المجتمعات الافريقية بصفة خاصة و العالم بصفة عامة مشتمرة.
و هذا كاضخم مثال عما تعانيه البشرية بعيدا عن الفقر و البطالة و الامية و الحروب و الآفات الاجتماعية بمختلف انواعها، شئنا ام ابينا لا يزال الطفل البريء يسأل عن مهنة والديه ليطبق عليه اي نوع من المعاملة يجب ان يتلقاها فاذا كان والده طبيبا او محاميا او طيارا يصنف ضمن النخبة رغم سوء مستواه الدراسي و الاخلاقي عكس من يكون والده لحاما او بناءا او بطالا فلا اعتبار لتفوقه.
كما لا تزال الطفولة ليومنا هذا تهمش و تختطف و تغتصب و تقتل في ابشع الصور و الاسوأ.. ان فاعل الفعل لا يحاسب و لا يعدم بل يوضح رهن الحبس يتنفس و يعيش بشكل عادي و كأن ما فعله لا يقاس بمعيار الخروج من صفة البشر و لبس ثوب الوحوش، كذلك نصطدم في حياتنا بشكل يومي بعبارات الدولة لا تخدم شعبها، عمال البلديات لا ينظفون الشوارع، لماذا لا تقوم الدولة بالاجراءات اللازمة لتفادي حدوث ازمة اثناء سيول الامطار؟! لماذا لا تقوم الدولة بمنع الشجارات و القتلى؟! لماذا لا تقلل شرطة الطرقات من حوادث المرور؟! و الكثير من الحبر يسال من وراء كلمة لماذا؟!
و لماذا لا يكون الحل يبدأ من اضعف حلقة صنفت ضمن هذه المعادلة الكونية الا و هو الانسان البسيط.. فربما لو لم يغلق الجار بابه لعلم ان جاره ليس لديه ما يأكله ليلتها، ربما لو تمت معاملة كل انسان بقيمته الفكرية لا المادية لكانت الاجيال الصاعدة هي التغيير، ربما لو انت خدمت دولتك لاعطتك ما تريد و لصلحت احوالك بصلاح خراب دولتك، ربما لو لم ترمي اوساخك و احترمت بيئتك لم تتسبب بغلق مجاري المياه و التسبب في فوضى، ربما لو لم تكن متعصب لفريقك الكروي او لم تكن ذو فكر جهوي لتمكنت من التعايش مع غيرك و تقبل اختلافاتهم و اسقطت تهم الهمجية الموجهة لشعبك عن طريقك، ربما لو احترمت السرعة المطلوبة و احترمت غيرك في الطريق لنقصت حوادث المرور التي تأخذ ارواح الآلاف سنويا... و يوجد الكثير من القوة وراء الفرد البسيط فبتغير ذاته تتغير امور الكون، كما ذكر في قوله تعالى: (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)(الرعد 11).
ليس على الشخص ان يقوم بافضل ما لديه، بل اصغر تصرف منه يحدث تغير كبير في المقابل، لو قام كل شخص منا بمهمته على اكمل وجه، لوجد اموره تحل بسهولة و معيشته اصبحت ابسط، فبمساعدتك لمحتاج اليوم توفر لك مساعدة غريب لك في يوم آخر .