كاتب(ة) : ريمان خالد الحرازين
يداك
إننا نقفُ على حدود بعيدة جداً...
لم تصل أيدينا ، نمدها أكثر فأكثر حتى اقتربت من البتر ..
فما كان منّا إلا أن أدرنا ظهرينا للريح دون أن ننبث ببنت شفة .
تسير وسط الجموع ، هنا هتاف ، هنا نار ، هنا سلاح وجِدَ منذ الانتفاضة ،
هنا شئ لم تعرفه ..
تشق الطرق عائداً لحدودك البعيدة ، عائداً لنسماتٍ داخل أرضك ، هناك ، حيثُ لا يحق لك أن ترى ما هناك ..
يؤلمك أنك مُنِعت ، يوجعك أنك لا تحمل شيئاً مزعجاً ، تصرخ "يا اغبياء بيدي سكين ، وأنتم على بعد أميال ، كيف يقتلكم ؟!"
أتعبنا البعد يا وطني ، وأي بعدٍ هذا الذي يهجّرنا ونحن تحت سماءنا ..
تعود لحدودك ، تمد يدك للفراغ ، تحاول أن تلمس أرضك المغتصبة ، أن تصل يدك للجندي الذي يحمل سلاحه ما بعد السلك ، يخيل لك أنك تخنقه بيدك الثائرة ، يدك التي تقاوم البتر ، تقاوم السلاح ، تخنق الجندي على الحاجز ، تقص السلك الشائك ، هي نفسها تسقي الزرع ، تطعم حصانك الذي يحرث ..
يدك الملطخة بدمك ، هي نفسها من شقت طريق العودة ، هي نفسها من توضأت لتصلي ركعتين في المسجد على أرواح من استشهدوا ..
يدك التي تشعل النار ، وتصنع المولوتوف ، وتحرق وتكسر ، يدك التي يراها العالم خشنة ومقززة ،، هي من لاطمت المخرز ، و أودعت السلام ، يدك الشاحبة ، أراها نوراً يسطع كنور الشمس ..
إننا نقف على حدودٍ بعيدة جداً ، نراقب ما سيحدث على الساحة ، الأرض عطشى للماء ، نحن نسقيها دماء ، نسدُ جوع الأرض بالشهداء ، ولا نسد شوقنا .
ونعود نسير بين الجموع ، نهرب من الدخان فنقترب ..
يدان منشابكتان ، حاجزٌ لعين ، جنديٌ أحمق ،،، ووطنٌ باقٍ .