بيتُ القراء و المدونين
  •  منذ 5 سنة
  •  1
  •  0

كاتب(ة) : منصف الإدريسي الخمليشي

المسرح و تطور الوعي المجتمعي

إن المسرح فن نبيل، و بشهادة الأمم يعتبر أعرق الفنون إلى جانب فن النحت و بلاغة الكلام و الشعر و الرسم و الفنون الشعبية و الحية ، لكن.. يظل و يبقى الفن المسرحي هو سيد الأسياد ،و أب للفنون .


للمسرح أهمية كبيرة على الفرد و المجتمع، و تقدم المجتمعات عبر السنين ،فلننطلق من أول مشهد عبر التاريخ .." الغراب مع قابيل وهابيل "، ثم اليونان و الرومان و العالم العربي ، إلى حين دخول المسرح إلى المغرب ، عن طريق مجموعة من الرواد مثل تيمود ، و أحمد الطيب لعلج ،و الطيب الصديقي، و عبد الكريم برشيد، و المسكيني الصغير، و عبد الواحد عوزري ،و غيرهم من الرواد الكتاب و المنظرين ...
إلا أن هؤلاء الرواد قاموا بمهمة جبارة ، ألا و هي صنع الأفكار و المناهج ، كالمسرح الاحتفالي ،و المسرح الثالث .

هذه نظريات يشهد لها و أمام الملأ ، أنها نجحت في وقتها ، و منها من بقيت إلى الآن تتوسع و تنتشر عبر أقطار العالم الغربي و العربي .لكن.. تبقى المسؤولية الكبرى على عاتق المهتمين بالشأن الثقافي و الفني لتجويد هذه النظريات ،و تدريسها ، و تأطير الشباب سواء أ كان مهتم أم طالب في شعبة علمية أخرى ، باعتبار المسرح كما ذكرت هو السبيل الأنسب لتطور المجتمع ،خصوصا... و أننا في عصر و في فترة تعيش اضمحلال خطير ، خصوصا على مستوى البحث .

ماذا تنتظر من من يسأل عن ما معنى الناقد ؟

على عكس القرن الماضي الذي كان ميلاد فن نظيف و جديد بثقافتنا ،كان الرواد ينشرون مقالات نقدية و هم في عمر الزهور أحيانا ، فنحن بحاجة إلى من يشد بتلك الطاقات أو بالأحرى من يكونها. و البنيات التحتية التي هي شبه منعدمة هناك بوطننا الحبيب ، بالمقارنة مع مصر و تونس و بلدان أوروبا و إفريقيا، لكن يبقى التساؤل المطروح..

لماذا جمعيات المجتمع المدني الخاصة بالتكوين الفني تعاني الإقصاء نوعا ما ؟

مثلا : "جمعية الخيال بسلا و جمعية جسور بآسفي" .

أليس من الأجدر و الأحق أن تنال هذه الجمعيات و أمثالها دعم مادي و معنوي و رعاية سامية؟

فمثلا.. المهرجان الوطني للمسرح الارتجالي هو المهرجان المسرحي الوحيد بسلا ، و ليس هناك أي دعم باستثناء بعض الجهات التي لا تتعدى رؤوس الأصابع .
المسرح نظيف، و ينظف ، و منظف للوجدان .

بكلامي هذا لا يمكنني أن أنكر غاية القرآن الكريم ، (لكن.. موضوعي ثقافي ليس ديني) .

لماذا المنع و تجريم كل ممارس للفن و العمل الجمعوي ؟

بحجة أنه التحق لصفوف تابعة للنظام ،كالقوات المسلحة الملكية ، الأمن الوطني ، الدرك الملكي (…).

هل رجل السلطة ليس له حق في العصبية ؟

أو ليس هو الأجدر في العصبية و الحزن و غيرها من المشاعر السلبية؟ ،حيث يعيش مجموعة من الضغوطات اليومية التي تجعله ينهار.

لماذا تجريم ممارسة الفن و التطوع و الكتابة أيضا ؟

يمكن للشرطي أن يخدم الوطن، و في نفس الوقت يطبع كتاب و ينشره ، ربما قد يكون واعظا ، و تنتشر أنواع من الكتابة مثل الأدب البوليسي ، و تكون حقيقية، وسيرة ذاتية.

مجموعة من المثقفين حرموا من حقهم في التعبير عن آرائهم ،و منهم من تجاوز القانون ؛فكان مصيره الاعتقال .

لنعود للموضوع الأبرز.. " المسرح "، فالشرطي بتمثيله أو حضوره لحصة مسرحية في الذاكرة الإنفعالية، أو إسترخاء ،أو بعض مما خلده ستانيسلافسكي أو بريشت ،هنا قد فهم و ارتوى من أنبل الفنون على الإطلاق .

أقول و بصريح العبارة:( أن مسألة التجريم.. فهي بحد ذاتها دليل على نوع من القمع الغير مسموح به ، في وطن و دولة تنهج سياسة الديموقراطية ، لذا.. فالمسرح مسرح ،لو أمر أحدهم من الغرباء بمنع هذا القانون شبه القمعي لمنع) .


المسرح فن نظيف ، نظيف الفن المسرحي ، فهذا دليل على أن المسرح فن متسامح حتى في اللغة ، مرن يتعامل مع الفاعل كما المفعول به ، ولا يزعم أن يقول " كفى " كما الأولون .


كما تعودت القول و أكرر :(المسرح سبيل الرقي بالمجتمع ، لا بناء السجون و لا المخافر و لا المحاكم طريق للإصلاح ).

لكن.. إن اتخذت سياسة مسرحية ، على الأقل في ولاية كاملة ،همها الوحيد بناء معهد على رأس كل جهة من جهات المغرب ، من الشمال إلى الجنوب ، مسرح بمقومات المسرح كبناية ،دور ثقافة ، دور الشباب ، التي ربت و كونت جل مكونات الشأن الفني و الثقافي الحالي .

إن اعتمدت هذه السياسة و عملت على استقطاب كل مكونات الوطن الحبيب ، من قطاع طرق ، و شباب ، و منحرفين ، و متشردين ، و ناشئة ،فسينعدم انتشار المخدرات بكل أنواعها ، و بالتالي لا نحتاج لسياسة بناء السجون .. النتيجة ستلاحظ في أفق أربعين سنة .


المسرح المغربي حاليا يعيش أزمة خانقة ..لا ندري ما السبب ؟لكن لنا اليقين ، لو رصدت مبالغ لإعادة استنشاق مسرح المعمورة ، و مسرح الحي ،و مسرح اليوم و غيرها من الفرق التي جالت ربوع الوطن في الداخل و الخارج ..فمن هنا سينطلق نموذج التنمية ، الانتقال من دولة في طور النمو ، إلى دولة في أبهى حلة تنمية ، الانتقال من دول العالم الثاني ،كفيل بتوظيف الفنون في المقرر التعليمي من النشأة إلى الجامعي . لنصنع أجيال ،على الأقل لهم وعي بضرورة الفن في حياتنا اليومية ، حيث أن الجل يعتبر الفن و المسرح خصوصا مهلكة و مضرة للحياة العامة .


المسرح سبيل التنمية الانسانية ،و الرقي، و الهدف واحد وحيد، تربية أجيال واثقة من ذاتها، فهذا له علاقة وثيقة بالتشغيل ، و كل ما يرتبط بالعنصر البشري.

"المسرح " ليس ركح ، بل هو فضح للمشاعر الذاتية أحيانا ، تغيير للواقع من حين الى آخر، تشريع قوانين ، إلغاء قوانين .... هذه مهمة المسرح النبيل النظيف .

قم بتسجيل الدخول لكي تتمكن من رؤية المصادر
هذا المقال لا يعّبر بالضرورة عن رأي شبكة لاناس.