بيتُ القراء و المدونين
  •  منذ 5 سنة
  •  0
  •  0

كاتب(ة) : تريعة شهيناز

الطريق إلى حلمي

أنا أميرة أبلغ من العمر 24 سنة أعيش في عائلة بسيطة، أبي رجل مكد مجتهد في عمله ليمنحنا حياة و عيشا كريم، وأمي المرأة الحديدية التي رغم الوسائل البسيطة في مطبخنا لكنها تقدم لنا أشهى الأطباق، من دون أن أنسى أختي سحر مدللة العائلة، لأنها صغيرة و رياض حبيب أمي هذه عائلاتنا كنا نعيش أحلى الأيام.

إلا أن جاء ذلك اليوم المشؤوم الذي لن أنساه دخلت الغرفة، فإذ بأبي طريح الفراش، أصفر الوجه ظننت أنه زكام، أو برد لأننا في فصل الشتاء، ولكن لم أتحمل أن أرى أبي ضعيف منهار القوى نادني بصوت فيه حنان أميرة تعالي يا عزيزتي فذهبت نحوه بخطوات مترددة خائفة كأنه مشهد وداع كنت أريد أن أقول كلمات عديدة كآسفة؛ سامحني؛ أحبك أبي؛ لم أستطع.

فأنا سامطة أحس بشعور غريب فوجدت أبي يمسك يدي حينها جالت إلي ذكراياتي معه عندما علمني كيف أقود الدراجة لأول مرة؛ وتذكرت أول يوم حين رافقني للمدرسة وهو يحمل حقيبتي كل ذكرياتنا مرت في هذه اللحظة فلم أتمالك نفسي ودموعي ذرفت ؛فقال لي حققي حلمنا بأن تكوني طبيبة أمك

وإخواتك أمانة عندك ،فقاطعته لماذا تقول هذا الكلام!

قال: بصوت خافت أحس أنها النهاية أريد أن أدفن جنب أمي.. بعدها بلحظات نمت على حضن أبي؛ و رفعت رأسي فوجدت أبي مغمض العينين ومبتسما فبدأت بالصراخ والبكاء معا غير مصدقة فجاءت أمي وإخواتي فتفاجئوا برؤية أبي ممدد في الفراش.

مرت الأيام سريعا وكل يوم يمضي علي أتمنى أن يكون ما أعيشه كبوسا أستيقظ منه؛ فأجده واقعا مريرا علي أن أتكيف معه، وتأتي بين أذني كلمات أبي، وبين عيناي وصيته، وكان موت أبي صدمة لأسرتنا وحياتنا.

أمي كل يوم تنام والدمعة على خذها فأبي كما كان أبا مثاليا، كان زوجا حنونا ومخلصا ومحبا لأمي، أمي تعيش صدمة كبيرة فشريك عمرها في أفراحها وأحزانها قد تركها، وأخي أصبح كثير السهرات لا يرغب في العودة للبيت لكي لايرى كئابة بيتنا الذي طالما كان يزدهر بضحاكاتنا.

أنا قررت أن أعد الغداء يجمع أسرتنا أدركت أنه يجب إستيعاب موت أبي؛ وأن نواصل حياتنا وأن نتذكره بدعائنا في صلاواتنا.. فهيأت الغداء من كل نوع وصنف، وأنا متحمسة ولكني أرى العبوس في وجوه إخواتي وأمي! فقلت لهم أبي قد مات ولكن هو معنا في كل لحظات حياتنا لن ننساه بمرور الأيام ولكن حان لنا أن نواصل حياتنا ونحقق الأحلام التي رسمناها مع أبينا، كان حلمه أن يرانا ناجحين ليفخر بنا فإذا أردنا أن نسعده في قبره علينا أن نحقق أحلامه؛ فانهمرت دموعهم عليها إبتسامة صغيرة مرسومة على شفاههم .

في صباح الغد حملت حقيبتي وأقلامي التي سأرسم بها حلم أبي، حلم الطب عدت إلى البيت؛ فوجدت أمي تبكي قلت لها ما يبكيكي ياحبيبتي؟! فقالت: لي: بصوت باكٍ وحزين أخوكي أصبح مدمن مخدرات وكحول لقد سرق ختم زواجي، وجميع صيغتي التي تركتها لكِي عندما أزفكي عروسا، حضنت أمي وأنا أبكي.

عاد أخي ورائحته كحول وتدخين فقلت: له بصوت غاضب ماذا تفعل؟! هل أنت الرجل الذي إئتمنك أبي علينا؟! فأبعدني بقوة و أوقعني أرضا، لم أصدق كيف أصبحت عائلاتنا!!

وأختي التي تبلغ 18 سنة تريد التوقف عن الدراسة للزواج بشخص غني أصبحت تبحث عن حياة جديدة و رفاهية، فعندما قلت لها لازلت صغيرة قالت لي: أنا أكره الدراسة والأحلام التي تعيشنها لن تتحقق أريد حياة أفضل، مللت من أكل الحساء كل يوم، مللت إرتداء نفس الملابس؛ مللت مصروفي الزهيد؛ أريد أن أعيش كبقية صديقاتي.. الزواج هو من سيحقق لي ما أريد.. إن بقيتي مع أحلامك ستجيدين نفسك في الشارع، لأن هذا المدمن سيبيع كل شيء.

كلماتها كانت كالسيف الذي غرس في قلبي لم أتحمله كان قاسي نمت على وسادتي مع دموعي؛ وأحلامي ؛ وصورة أبي التي أنظر إليها لأستمد قوتي.. وأمي المسكينة مرضت من هذه الأوضاع؛ كنت أحاول أن أخفف عنها وأخرجها لنتفسح في البحر لكي تنظر إليها وتلقي همومها للبحر.

بعد مرور شهرين تزوجت أختي بعد محاولات مني بأن تواصل دراستها؛ وأنها مازالت صغيرة على المسؤولية، لكن لم تكن تقتنع تمنيت لها حياة سعيدة، وأن تحقق ما تتمناه نعم لا أنكر أختي تركت فراغا حاولت أن أملئه لأمي خصوصا، أن أخي لا يعود إلا ليلا وأصبح مدمنا.

عاد هذا اليوم مبكرا وقال: أريد أتكلم معك في موضوع سيفرحكي، فاستغربت هذا الحنان الزائد؛ لأن نظراته كان بها خبث ،فقال: لي صديقي ملياردير يريد الزواج بك وكل ما يشترطه ترك الدراسة، لأنه مكتفي ماديا، ولا يريد أن يتعب زوجته المستقبلية، ويريد أن يجعلها أميرة.. فقطعته بنبرة غضب: لا أريد الزواج ولا أريد ترك دراستي فأمسكني من ذراعي بقوة فقال: بل ستتزوجينه.. عندما نظرت إلى أمي وجدتها ملقاة على الأرض لم تتحمل هذا المنظر ، فأخذناها إلى الطبيب، ففحصها ونبضات قلبي تتسارع وأنا أقول ياربي لن أتحمل خسارة أمي فجاء الطبيب، وأكد لنا بأن وضع أمي الصحي غير مطمئن؛ وهي تحتاج للراحة وعلينا أن نخلق لها جو خالي من التوتر .. نعم عدنا للبيت ونامت أمي.

وكان أخي لايزال على إصراره، المخدرات أنساه أمي؛ والخوف عليها ذهبت إلى غرفتي وأنا أفكر، وأردد وأنظر لصورة أبي؛ هل أترك حلمنا؟ أمسكت سجدتي وإرتديت حجابي ودعوة ربي في سجودي بأن يعطيني القرار السديد.. ثم نمت فإذا بأبي يقترب مني؛ وهو يحمل صندوقا وهو يبتسم، ففتحته فوجدت فستانا عرس أبيض، إستيقطت من حلمي الذي لم أرد أن أستيقظ منه، لأني لم أشبع من أبي وصورته وإبتسامته.

ذهبت لأخي فقلت له موافقة رغم مرارة هذا القرار فأنا أضحي بحلم غال علي وعلى أبي، ولكن أعلم أنا الله معي، جاء يوم خطبتي من هذا الرجل؛ الذي لا أعرفه لم أكن متحمسة كأي بنت في يوم خطبتها، ولكن أحاول رسم إبتسامة كاذبة من أجل أمي المريضة.

دق الباب؛ وفتح أخي و بدأوا بالكلام و دخلت بصنية القهوة، وأن لا أكاد أن أمسك دموعي فقال: لي أطلبي ما تريدين سأسعدك رددت بصوت حزين شرطي أن تعيش أمي معي؛إستغربت صمت أخي الذي لم يزعجه الأمر بل أعطيته فرصة ليبقى بيتنا له وحده ،ولسهراته ،وخراجاته فرد علي لا أمانع ولكن شرطي هو لا أريد لزوجتي أن تدرس فسكت ثم وافقت.

كل يوم كنت أقضيه كنت أذهب لدفتري وأنظر للأحلام التي سطرتها أنظر للكراريس الجامعة، وكل شوق للعودة كل يوم يمضي وثقتي بربي تزداد.

مرت الأيام وحان موعد زفافي تمنيت وجود أبي ليزفني عروسا بفستاني الأبيض، وأمي الدموع في عينيها، دموع فرحة لرؤيتها لي بالفستان الأبيض؛ بعد مرور الأيام تفجأت بأن عامر [أقصد زوجي] شخص مؤمن و طيب دخل غرفتنا، فإذا بدفتر ذكرياتي يقع فانفتح على صفحة حلمي، فانحنى ورفعه وقال: هل حرمتك من أغلى أحلامك؟! فنزلت دموعي فمسحها لي و تبسم وقال: كما ضحيت من أجل هذا الزواج سأتنازل عن شرطي.. تستطعين إكمال دراستك.. أكملت سنين الطب ، وبدأت أبحث عن العمل فإذا بزوجي يفتح مستشفى بإسمي.. الفرحة لم تسعني أنا وأمي ،فقد حققت حلم أبي.

بعد مرور سنة رزقت بولد سميته "على" إسم أبي، مع أمي و ابني ذهبنا الى قبر أبي؛ وقلت: له حققت حلمي وحلمك يا حبيبي، أما أختي فقد أفلس زوجها ولكني ساعدتها بأعطائها عملا تحسن به حالها.

إلى كل القراء الذين قرأوا حكايتي تمسكوا بأحلامكم ستواجهكم عقبات وأعداء نجاح ولكن آمنوا بأنكم يوما ستصيلون ولكن سطروا أهدافكم وإطمحوا فالأحلام بالعمل ستحقق يوما ما.

قم بتسجيل الدخول لكي تتمكن من رؤية المصادر
هذا المقال لا يعّبر بالضرورة عن رأي شبكة لاناس.