كاتب(ة) : بلخيثر مليكة
عندما يكون الشفاء مضمونا للأسرة
عندما تتعاطى مهنة ما أو تشغل وظيفة ثابتة في مؤسسة حكومية أو خاصة هذا يمنحك الشعور بأنك في مأمن وسعادة وقادر على التخلص من تبعيات أوامر المجتمع والشخص المعيل لك في أيام البطالة.
هذه فكرة شائعة وخاطئة للكثير من الشباب لانه لا يمكن العيش بمعزل عن الآخرين سيبقى يؤثر فيه(ها) الغير ولو بمجرد نظرة حب تسقط فكرة العزلة.. علاقاتنا نحن البشر مبنية على الجماعة في كل امور الحياة الاسرية العملية والتجارة والسفر، الصحة، الاقتصاد، التعليم، حتى الدين لا يمكن لاي كان ان ينعزل عن غيره فهناك مبدا التبادل الوظيفي والمنفعي بين البشر على مر الازمنة.
كل شخص يريد تحاشي الغير بسبب المشاكل التي تقوده الى متاعب اما نفسية او اخلاقية او في اغلب الاحيان الى مشاكل قانونية... إذن العمل وثباته ليس هو اساس الصلاح والعيش بطريقة سليمة بقدر ان يكون الانسان متوافق اخلاقيا مع بيئته ومستسلما لقواعد الطبيعة الصحيحة للعيش بإنسانية بعيدا عن المضاربات التي يفتعلها أفلام الاكشن بان القوة العضلية والثروات المالية هي من تمنحنا الامان.
أو الحب الحقيقي حسب الافلام التركية التي انتشرت في العالم العربي بصورة الضربات الاخطبوطية والشبكات العنكبوتية في مساكن العرب واستسلمت لها الاسرة بدون رقابة جامحة لها او التقليل من تداعياتها.. اصبح ابناء المجتمع العربي ينساق مع المتغير الحر سواء افلام تركية او غربية تمنحه التمتع واللذة بها باعثة غريزته الى التشبع اكثر والاندفاع اكثر للتجربة هكذا هي أطباع البشر أو اطباع الانسان كل له ميوله و عقليته.
وحين نتكلم عن الحب الحقيقي كما صدرته لنا الإعلام التجاري التركي للعرب يصبح ابناؤنا متشابهي الطبائع للأسف ضاربين المثل والقيم الاخلاقية والتربية الاسرية عرض الحائط باسم التطور التكنولوجي ومسايرة المستقبل والتربية الحديثة.
سؤالي اليوم هو:
هل حقا يوجد تربية تقليدية وتربية حديثة؟!
ولماذا تزايدت نسبة العنف والحروب والفساد الاخلاقي في فئة الشباب والاطفال ضمن دائرة ما يسمى بالتربية الحديثة، وخلقت ظاهرة العنف المدرسي؟!
ما هو جوابك عن سؤالي هذا وانت ولي امر لشاب هل المجرسة من ضيعت الاخلاق ام الاسرة!!
إن التربية الحديثة هي أن تختار امراة تحبها تعشقها من أول نظرة لا يهم من تكون هكذا جسدتها الافلام التركية، اما بالنسبة للفتاة يسمح لها بالهروب مع عشيقها ومواجهة أهلها راكبة موجة المعاصرة والتطور الخلقي بمفهومه اللحظي مكسرا قيود العادات والتقليد التي رسمت لها انها مسائل جاهلية تجمح كينونتها (الانا) من التطور ، ان رؤية حلقات مسلسلات او فيلم قصير مع نقص الوازع الديني كفيل بتهديم اسرة باكملها.
في حين التربية التقليدية كانت تمنح في مثل هذه الحالات الشفاء بمعالجته نفسيا أو جسديا مع تدخل كافة أفراد العائلة الصغيرة والكبيرة الكل معنيون هنا، ان العلاج يقتصر كما اثبتته الحكم والامثال المتوارثة من اجدادنا بأن الدين هو في مجمله علاج لكل الامراض في كل العصور، فالمعالجة النفسية تكمن من خلال الصلاة او الصدقات ان كان المريض متدينا.
اما اذا انحرف عنه فيرجع بالتوبة يمارس الشعائر الدينية بإنتظام لتزول عنه الهموم وهذا ما نلتمسه من شعائر التربية النفسية في شهر رمضان الخضوع والخشوع والقيام فكل الدول العربية يصلح حالها في شهر واحد فقط وباقي اشهر السنة تتفاوت الهبة الايمانية المحصلة من العبادات.
من هنا يتضح لنا فعالية الدين و الصلاة في حياة البشر فالتربية الدينية تحصين منيع ينقذ الانسان من جميع العادات الضارة لنفسه ولجسده.
اذن الشفاء مضمون اذا قام أهل العلم والدين بالتوجيه الاخلاقي الصحيح الذي يتماشى مع الطبيعة التي خلق لها الانسان، ويحصروا كل جهودهم ونشاطهم من اجل التوجيه والاخلاق فقط وليس الترهيب والترغيب في الجنة والنار.. حين نصل الى درجة هذا النوع من التربية سنوفر على الحكومات العربية بناء السجون والمستشفيات للامراض المعاصرة كالادمان من مخذرات وغيرها.. ونلغي شراء الاسلحة الكثيرة ونكتفي فقط بالسلاح الموجه للؤسسة العسكرية بعيدا عن النزاعات الطائفية و الجغرافية...فالحروب كلها للطرفين خسارة وان كان منتصرا اذا حسبناها كقتلى مدنيين نعتبر ان المجتمع الانسانية خسر ارواح لأسباب تافهة.
نحن كشعوب عربية نتباهى بالإنتماء الاسلامي شكلا بتغييب معطياته موضوعا ومضمونا.. يخبروننا في خطب الجمعة ان محاربة الكفار جهاد ونحن من كفرنا باخلاق خير امة ولم يعلموننا الجهاد في النفس بترك المعاصي ..الخ .
حين بنيت الأسرة على التباهي بالقيم العددي ( كم دفعت لخطبة فلانة كم أصرفت في عرس فلان كم صرفت في شهر العسل ....الخ ) وتناسينا ان الاسرة هي البنية الاساسية لبناء مجتمع سليم لم نهذب نفوس الافراد خلقيا ليعتادوا الحياة المتزنة المبنية على النفس المطمئنة للحياة وليس بتوفير منصب شغل ثابت يؤمن لك الزواج..
لم نخبر الشباب ان سعادته مبنية على حسن إختيار شريك الحياة وليس ما أصطلح عليه حب على طريقة المسلسلات التركية انهم يصدرون لنا مفهوما خاطئ عن الحياة العائلية فقد ترينا أحيانا أغنياء يتزوجون بعاملات... والحب من اول نطرة الذي ينقض على قلبك كالصاعقة ويفقدك إتزان تفكيرك .كوجه نظري ان ما يعرض لنا من مسلسلات تركية لا تنطبق على الحياة العملية الخاصة بالشعوب العربية أكبر أخطارها هو تصوير الحياة بألوانها قوس قزح الجذابة.
ما هي إلا صور كاميرات سنمائية لسيناريو تجاري يظهر علاقات وهمية خلابة تجعلنا نعيش لحظات التفاهمة من حياتنا فإما ان نرفع عنا الغشاوة ونبصر او نبقيها ونتلذذ بها ونفسد مجتمع بــأكمله بعيدا عن العادات والتقاليد والتربية الدينية التي توارثناها.