كاتب(ة) : بلــخيثر مليكة
تقرير حول واقع حق التعليم ومدى تفاعل الجزائر لتنفيذ و تطبيق متطلبات منظمة حقوق الانسان
إن ما قدمته الجزائر كأعمال حقيقية لتنفيذ وتطبيق متطلبات المنظومة الدولية لحقوق الانسان من خلال السياسة المعلنة مع ما هو مطبق على أرض الواقع تحت شعار التعليم للجميع هو الزام مشترك متفق عليه من قبل دول الاعضاء في الامم المتحدة بحيث لا يعتبر التعليم امتيازا أو منحة تتفضل الدولة بها على مواطنيها .هو حق أساسي كفلته العهود والمواثيق الدولية في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان صادر سنة 1948، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ( ديسمبر 1966 )، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ( 1979) .
المحور الأول: دراسة مدى توافق محتوى مواد المواثيق الدولية مع مواد الدستور الجزائري المتعلقة بالحق في التعليم
1- إن المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تؤكد على ضمان الدولة لكل شخص حقه في التعليم مع ضمان مبدإ المجانية بقولها( " لكل شخص الحق في التعليم، ويجب أن يوفر التعليم مجانا على الأقل في مرحلته الابتدائية والأساسية ويكون التعليم الأساسي إلزاميا، وأن يكون التعليم الفني والمهني متاحا للعموم ")
يقابلها في الدستور الجمهورية الجزائري المعدل نص القانون رقم 16-01 المؤرخ في 06 مارس 2016/ الجريدة الرسمية رقم 14 المؤرخة في 07 مارس 2016
المادة 65 :
- الحق في التعليم مضمون
- التعليم العمومي مجاني حسب الشروط التي يحددها القانون
- التعليم الاساسي اجباري
- تنظم الدولة المنظومة التعليمية الوطنية
- تسهر الدولة على التساوي في الالتحاق بالتعلم و التكوين المهني
2- نفس المنحى ذهب إليه العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية في المادة 13 والصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1966 بقولها: ( " تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم، وهي متفقة على وجوب توجيه التربية والتعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والحس بكرامتها وإلى توطيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية… وتقر الدول الأطراف في هذا العهد بأن ضمان الممارسة التامة لهذا الحق يتطلب جعل التعليم الابتدائي إلزامياً وإتاحته مجاناً للجميع وتعميم التعليم الثانوي بمختلف أنواعه، بما في ذلك التعليم الثانوي التقني والمهني، وجعله متاحاً للجميع بكافة الوسائل المناسبة ولاسيما بالأخذ تدريجياً بمجانية التعليم وجعل التعليم العالي متاحاً للجميع على قدم المساواة، تبعاً للكفاءة، بكافة الوسائل المناسبة ولاسيما بالأخذ تدريجياً بمجانية التعليم مع تشجيع التربية الأساسية أو تكثيفها، إلى أبعد مدى ممكن، من أجل الأشخاص الذين لم يتلقوا أو لم يستكملوا الدراسة الابتدائية والعمل بنشاط على إنماء شبكة مدرسية على جميع المستويات، وإنشاء نظام واف بالغرض، ومواصلة تحسين الأوضاع المادية للعاملين في التدريس…")
3- كما تنص المادة 02 من نفس العهد الدولي الفقرة الثانية ( " تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بأن تضمن جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد بريئة من أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب") .
يقابلها في الدستور الملاحظ فيه ان الجزائري عملت على دسترة هذا الحق وحددت المبادئ التي تحكم النظام التربوي الجزائري في محتوى المواد الآتية ذكرها.
المادة 53 حيث جعلت :
-من التعليم حقا مضمونا ومجانيا لكل طفل في سن التمدرس إلى أن يبلغ من العمر 16 سنة.
-التعليم من صلاحيات الدولة وحدها حيث ترصد له جزءا كبيرا من ميزانيتها.
-لا تتحمل العائلات نفقات تمدرس أبنائها ما عدا ما يتعلق بالكتب المدرسية التي تباع بسعر مدعم من الدولة.
-يستفيد التلاميذ من منحة خاصة بالدخول المدرسي.
-يتميز النظام التعليمي بالمركزية فيما يتعلق بالبرامج والمناهج والمواقيت التعليمية.
- بيد أنه يتميز باللامركزية في تسيير المؤسسات والمستخدمين
كما أقر القانون رقم 08-04 المؤرخ في 23 يناير، المتضمن القانون التوجيهي للتربية الوطنية، من خلال مواده 10، 11، 12، 13 و14 الحق في التعليم :
المادة 10: تضمن الدولة الحق في التعليم لكل جزائرية وجزائري دون تمييز قائم على الجنس أو الوضع الاجتماعي أو الجغرافي.
المادة 11: يتجسد الحق في التعليم بتعميم التعليم الأساسي وضمان تكافؤ الفرص في ما يخص ظروف التمدرس ومواصلة الدراسة بعد التعليم الأساسي.
المادة 12: التعليم إجباري لجميع الفتيات والفتيان البالغين من العمر ست (6) سنوات إلى ست عشرة (16) سنة كاملة.
غير أنه يمكن تمديد مدة التمدرس الإلزامي بسنتين (2) للتلاميذ المعوقين كلما كانت حالتهم تبرر ذلك.
يقابلها معاهدة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ( ديسمبر 2006) في نص الفقرة (د) " حصول الأشخاص ذوي الإعاقة على الدعم اللازم في نطاق نظام التعليم العام لتيسير حصولهم على تعليم فعال "
تسهر الدّولة بالتعاون مع الآباء على تطبيق هذه الأحكام.
يتعرض الآباء أو الأولياء الشرعيون المخالفون لهذه الأحكام إلى دفع غرامة مالية تتراوح من خمسة آلاف (5.000) دج إلى خمسين ألف (50.000) دج.
تحدد كيفيات تطبيق هذه المادة عن طريق التنظيم.
المادة 13 : التعليم مجاني في المؤسسات التابعة للقطاع العمومي للتربية الوطنية، في جميع المستويات.
تمنح الدولة، علاوة على ذلك، دعمها لتمدرس التلاميذ المعوزين بتمكينهم من الاستفادة من إعانات متعددة، لاسيما فيما يخص المنح الدراسية والكتب والأدوات المدرسية والتغذية والإيواء والنقل والصحة المدرسية .)
المحور الثاني: نظرة مقارنة في قراءات تحليلية لمشكلة التّعليم في الجزائربين الالزام كهدف أورغبة :
سياسات تعليميّة فاشلة و ترتيب الجزائر في اواخر الدول من ناحية جودة التعليم .. هي عبارة تحمل مقارنة بسيطة من خلال ما هو مطبق على أرض الواقع وبين السياسة المعلنة للإصلاحات الفاشلة يوجد حالات إختلاف بين نوايا نص الإلزام ( الاهداف ) الذي نصت عليه لجنة حقوق الإنسان والنوايا المندسة ( رغبة )في أجندة سياسة الحكومة الجزائرية لجعل المواطن جاهل للمعرفة الحقوقية أو تعوق تقدّمه نحو اكتسابها او إقصائها من مناهج التعليمية . إنّ الافتخار بتوافر الموارد التعليمية و بالإنجازات الكمية في نشر التعليم . على الرّغم من تزيين الواجهة بالأرقام الخيالية المتعلقة بالكم هربا من المساءلة الدولية . فالمشكلة ستبقى في الجزائر ليست في إتاحة التّعليم للجميع بقدر ما هي في جودة ونوعية التّعليم باعتبار ان الجزائر تحتاج إلى موارد بشرية مؤهلّة لإنجاح و مرافقة مشاريعها التّنموية.ان المجتمع المدني أصيب أغلبيته من الرّاغبين في تحسين الأوضاع و الفاعلين الحقيقيين بالإحباط. خاصة ما لمسته اسرة التربوية من خلال إلغاء حوالي 15 قرار تخص التربية وجدت منذ 2003 من بينها :
1-الاستغناء عن تكوين المعلمين بحجة أنه يتكون في الجامعات التي هي بدورها تعاني من ضعف كبير إذا ما قارنا أداءه بالمعايير العالمية. وتجاهل مشاكلهم والضغط عليهم
2-ان رؤية المجتمع المحلي من النقابات و الآباء و رؤساء المؤسسات التعليمية، المعلمون ، في الالتزام القويّ لهؤلاء بعمليّة الإصلاح يقود إلى النّجاح لكنّ العكس هو الذي حدث في الجزائر (سياسة التهميش )
3- مناهج الجيل الثاني أوما تسمى بالتجربة الكندية هي حرب على مبادئ المجتمع وهذا في حد ذاته عكس ما جاءت به معاهدة الاعلان العالمي والمواثيق الدولية و دستور الجزائر 2016 من خلال محتواه ديباجة مكونات الاساسية للبلاد ( الاسلام والعروبة ....الهوية الثقافية ... و الخوار والمصالحة و الاخوة...) .
4-مناهج دراسية و أساليب التدريس تأتي سلبا على مكتسبات الشعب الجزائري أما المضامين و محتويات المناهيج التعليمية تعيق تنمية شخصية التلميذ(ة) و الطاليب(ة) و ذلك من خلال اعتمادها على طرق ووسائل كابحة لحرية الفكر والابداع و هذا مايندرج ضمن نوايا الحكومة للسيطرة على أجيال قادمة ومنعها من المطالبة بحقوقها وهذا يترسخ أكثر ضمن محتويات التعليمية تحمل مضامين منافية لقيم حقوق الانسان في كونيتها ولا تاخذ بعين الاعتبار هوية التلميذ الثقافية
5-ظهور مجموعات متضررة بإختلاف الاعمار والمراحل التعليمية و الطبقات الاجتماعية و العرقية والاقاليم الجغرافية يمكن حصرها في نسبة الكبيرة للتسرب المدرسي أو الانقطاع التام عن التمدرس الذي لا تعلن عنه الوزارة الوصية بالاظافة الى أطفال يعانون امراض مزمنة .تهميش اطفال الجنوب و القرى النائية ورفض ذوي الاحتياجات الخاصة من دخول مدارس الحكومية والواقع في الجزائر يوجد مدارس تفتقر لخبرة التعامل مع هذه الفئة بسبب سوء التسيير البيداغوجي التعليمي والتكويني للمعلمين و في أغلب الاحيان يستدعي نفور المدراء من تحمل مسؤولية هذه الفئة بالرغم من توقيع الجزائر على هذه المعاهدة الا ان الواقع عكس ما هو في وثائق تقارير رسمية .
خلاصة تقرير : ان تدهور الحق في التعليم تحت خلفيات سياسية و قرارات عشوائية لسد الفراغ وتضليل الرأي العام يندرج كله ضمن التدهور الشامل لأنواع حقوق الإنسان بالجزائر وهذا ما عكسه تعاقب الحكومات لفترات من الزمن وعدم الالمام بالجانب الحقوقي والالتزام بالمواثيق دولية الذي بقي كحبر على الورق المتضمن في المادة 31 من الدستور (تعمل الجزائر من أجل دعم التعاون الدولي ...و تتبنى مبادئ ميثاق الامم المتحدة و أهدافه ) والحل يبقى بين أيدي الناشطين الحقوقيين في ايطار مراقبة أعمال الحق في التعليم و تقديم تقارير منتظمة عن الانتهاكات للجهات الوصية في أطر المسائلة القانونية للدولة.