كاتب(ة) : فاطمة حمد المري
ما نحن إلا صنيعة أفكار عقولنا
التفكير والشخصية
الإنسان هو حرفيًا ما يفكر فيه، وما شخصيته إلا حصيلة أفكاره التي كانت غير مرئية، وتحولت للصورة المرئية، سواء كانت فكرته قصيرة المدى، أو على المدى البعيد، وينمو الإنسان استنادًا إلى قانون (السبب، والنتيجة)، وهي حقيقه مطلقة وطبيعية في العالم الخفي للفكر، فعلى سبيل المثال: الشخصية النبيلة لم تصل إلى هذه الشخصية، إلا بعدما فكرت كيف تصبح، وتكون الشخصية النبيلة وبناءً على الفكر العقلي تطبق بالواقع ليعكس للآخرين أنه الشخص النبيل أمام الجميع، بينما الشخصية السئية هي التي صورت في ذهنها أفكارًا شريرة وبذيئة، ورأت نتاج فكرها في الشخصية التي تتقمصها وتطبقها على الآخرين، فالإنسان يبقى دائمًا سيدًا متحكمًا، ولكن هو يحدد نفسه، إما أن يكون سيدًا حكيمًا يحكم نفسه ومن حوله بمبدأ الأخلاق، وإما أن يكون سيدًا أحمقًا يسيء إلى حكم منزله الخاص وإدارته.
تأثير التفكير في الظروف
دائمًا ما نسمع من أناس يقولون: الظروف هي السبب وراء شقاء حياتنا وسعادتها، ولكن إذا كانت الظروف هي المحدد لتفكير الإنسان، فهنا الإنسان يصبح تابعًا لحياة الشقاء، ومبدعًا لحياة السعادة، بمعنى أن لا نجعل الظروف الخارجية هي أساس تغير الفكر لعقل الإنسان، ويمكن إداره الظروف في بعض الأحيان لصالح الإنسان، ويصبح هو القائد الذي يقود ظروفه، وإن كانت صعبة، إن التفكير والشخصية أمر واحد، فكما أنه يمكن للشخصية أن تكشف عن نفسها وتنجلي من خلال البيئة والظروف، فكذلك أيضًا ستكون الظروف الخارجية للإنسان مرتبطة دائمًا بحالته الخارجية.
إن الظروف لا تصنع الإنسان.. بل تكشفه أمام نفسه
لا وجود لشيء اسمه ظروف تنحدر بالإنسان نحو الرذيلة والمعاناة المصاحبه لها، بمعزل عن الميول الخبيثة الفاسدة، ولا وجود لظروف ترتقي بالإنسان نحو الفضيلة وسعادتها الرائقة دون الزراعه والتربية المتواصلة للتطلعات الفاضلة المستقيمة، وعليه فالإنسان، لكونه سيد نفسه وحاكمًا له، هو صانع نفسه، والصائغ المشكل للظروف المحيطة به، وماذا نعني بمقولة (محاربة الظروف) إن الإنسان يثور باستمرار ضد التأثيرات الخارجية، ومنهم من يتقلب عليها، ومنهم من يخضع لهذه الظروف؛ فيصبح مقيدًا لها، ولا يرغب في تطوير نفسه، ويرضى بالموجود.
الإنسان الناجح هو الذي يخلق من الظروف الصعبة إنجازات، وهو الذي لا يتراجع أمام الصعوبات الكبيرة، بل يحقق الهدف الذي وضعه في ذهنه، وصوره على أنه حقيقة وواقع يمكن تطبيقه، ونشير الى هذه المقولة: يبدأ الإنسان في كونه إنسانًا عندما يتوقف عن التذمر والشكوى، ويبدأ البحث عن العدالة الخفية التي تنظم دورة حياته وفق المخطط الذي صنعه لنفسه.
إن النظام لا الفوضى هو المبدأ المهيمن على الكون، والعدالة لا الظلم هي روح الحياة ومادتها إذا أخذ الإنسان هذه القاعدة وتم رسخها في ذهنه ستتغير أفكاره، وإن كل فكره حسنة يفكر فيها سيرى نتائجها، وسيغير نظرة الناس تجاهه عندما يسعى إلى تغيير نفسه، ولا يجعل الظروف السئية أساس تكوينه.
لا يستطيع الإنسان اختيار ظروفه بشكل مباشر، ولكنه بمقدوره اختيار أفكاره، وهكذا فإنه بشكل غير مباشر، ولكن مؤكد يصوغ ظروفه.
لو دعي الإنسان إلى التوقف عن التفكير السيئ والشرير، لرأى العالم يلين كله له، ويكون مستعدًا لمساعدته، ولو سعى الإنسان إلى تطوير فكره الإيجابي لرأى العالم يحقق مطالبه، وإن الأمور بسيطة وقابلة للتحقيق، كل ما في الأمر هنا هو أنت أيها الإنسان، من تدير شخصيتك وعقلك وأفكارك، أما أن تكون مع النبلاء أو مع التعساء، أنت من تحدد مستقبلك وحياتك نتيجة تفكيرك.