دور الأمن البيئي في الحفاظ على الأمن الإنساني
كاتبة: نوال الراضي
لقد صار الأمن البيئي حديث الساعة بعد التهديدات البيئية الكثيرة من احتباس حراري وتغير مناخي وتلوث جوي وغيرها مما أصاب أجزاء كبيرة من العالم.
ونتجت عن هاته التهديدات مجموعة من المشاكل البيئية التي سببت في أخطار كثيرة كظهور علامات التلوث المضرة بالصحة والسلامة البشرية في كافة المجتمعات العالمية وقد ساهم التطور التكنولوجي الذي بلغ أوجه مع تقدم الزمن بدرجة كبيرة في تدني الأمن البيئي.
كل هذا أحدث مفهوما متحولا للأمن البيئي المرتبط بالبنية الاقتصادية والاجتماعية للأفراد والجماعات لتصير البيئة والإنسان من الاهتمامات البحثية الجادة في العقود الحديثة ويصبح الأمن البيئي قضية محورية أخذت أهمية قصوى في ظل ما تعانيه البيئة ومواردها من تراجع حيث إن تحديد الحماية البيئية باتت تمثل مشكلة أمنية رغم إسنادها إلى مكون السلوك الإنساني الموسوم بالوعي الفكري والالتزام الأخلاقي تجاه المنظومة الكونية.
وهو ما فرض تضافر جهود التعاون مع المنظمات الإنسانية والهيئات الدولية لعلاج هذه المعضلة التي أرخت بضلالها على العالم.
وهذه الورقة البحثية تسعى إلى إبراز أهمية كل من الأمن البيئي والأمن الإنساني، من خلال بيان المفاهيم المتعلقة بهما والإجابة على سؤال العلاقة بين الأمن البيئي والأمن الإنساني وما مدى تأثيرهما في بعضهما؟
فما هو الأمن البيئي وما هي أهميته في وقتنا الحاضر؟ وكيف يحفظ الأمن البيئي الأمن الإنساني؟ وما الوسائل القانونية لتحقيق الأمن البيئي، وبالتالي المحافظة على النوع البشري؟
المبحث الأول: دراسة مفهومية
المبحث الأول: دراسة مفهومية
المطلب الأول: مفهوم الأمن
أ – لغة
الأمن في اللغة: سكون القلب واطمئنانه، و''الهمزة والميم والنون أصلان متقاربان، أحدهما الأمانة التي هي ضد الخيانة ومعناها سكون القلب، والآخر التصديق''.[1]
فهذان المعنيان متدانيان كما قال بن فارس في معجمه، وعلى هذا الأساس، فالأمن في اللغة يعني سكون القلب واطمئنانه بعدم وجود مكروه وتوقعه.
ب- اصطلاحا
الأمن هو: "المطلب المطلق للبشرية ومـن أجـل تحقيقـه تسـخر الأدوات السياسـية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية، لترسيخه في أعماق المجتمعات".
وصفته الموسوعة الإستراتيجية بالقول: "الأمن كأنه شخص يعتبر نفسه غير مهدد بهذا الخطر أو ذاك؛ أو يظن أن لديه الوسائل للرد عليه إن تحول هذا الخطر ليصبح واقفا".
ويعد تعريف "باري بوزان" من أحدث التعريفات للأمن وأكثرها تداولا، فهو يعرفه بأنـه: "العمل على التحرر من التهديد".
وفي سياق النظام الدولي هو"قدرة المجتمعات والدول على الحفاظ على كيانها المستقل، وتماسكها الوظيفي ضد قوى التغير التي تعتبرها معادية".
فللأمن مفهوم مزدوج؛ فهو ليس فقط وسيله للتحرر من الخطر، بل هو وسيلة لإرغامه وجعله محدودا، ويمكن للأمن أن يكون نسبياً ولا يمكن له أن يكون مطلقاً.
وثمة تعريفات أخرى للأمن منها: "القدرة التي تتمكن بها الدولة مـن تـأمين انطـلاق مصادر قوتها الداخلية والخارجية، والاقتصادية والعسكرية في شتى المجـالات فـي مواجهـة المصادر التي تهددها في الداخل والخارج، في السلم وفي الحرب، مع استمرار الانطلاق لتلك القوى في الحاضر والمستقبل تخطيطاً للأهداف المخططة".
ويرى وزير الدفاع الأمريكي الأسبق روبرت مكنمارا في كتابه "جـوهر الأمـن" أن الأمن يعني التطور والتنمية، سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية في ظل حمايـة مضمونة"، بالإضافة إلى "أن الأمن الحقيقي للدولة ينبع من معرفتها العميقة للمصادر التي تهدد مختلف قدراتها ومواجهتها؛ لإعطاء الفرصة لتنمية تلك القدرات تنمية حقيقية في كافة المجالات سواء في الحاضر أو المستقبل".[2]
المطلب الثاني: مفهوم البيئة
أ - لغة
تتفق معاجم اللغة العربية وقواميسها على كون البيئة كلمة مشتقة من فعل بوأ وهو لفظ يتخذ عدة معان منها: "المنزل أو الموضع، يقال تبوأت منزلة أي نزلته وبوأه منزلا أي هيأه ومكن له فيه".[3]
ومنه قوله تعالى: (وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين).[4]
وقوله تعالى: (والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم).[5]
وقوله تعالى: (وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا).[6]
وبالنظر إلى هذه الآيات يتضح جليا أن البيئة هي المنزل أو الموقع الذي يحيط بالفرد والمجتمع فيقال بيئة طبيعية وبيئة اجتماعية.
ب - اصطلاحا
تعرف البيئة بكونها ذلك الحيز الذي يمارس فيه البشر مختلف أنشطة حياتهم وتشمل ضمن هذا الإطار كافة الكائنات المتعايشة مع بعضها البعض من إنسان وحيوان ونبات.[7]
وعرفت أيضا بعدة تعاريف منها تسميتها من قبل العالم هنري ثورو عام 1858م بلفظة إيكولوجيا، و لكنه لم يتطرق إلى تحديـد معناهـا وأبعادها.
أما العالم الألماني المتخصص في علم الحياة أرنـست هيكل فقد وضـع كلمـة إيكولـوجي بـدمج كلمتين يونانيتين وتعني مكان الوجود.
ويعرف الباحث ريكاردوس الحبر مؤسس جمعيـة أصـدقاء الطبيعة، البيئة على أنها مجموعة العوامل الطبيعية المحيطة الـتي تؤثر على الكائن الحي أو التي تحدد نظام حياة مجموعـة مـن الكائنات الحية المتواجدة في مكان و تؤلف وحدة إيكولوجية مترابطة.
ويمكن تعريف البيئة بأنها المحيط المادي الـذي يعـيش فيـه الإنسان بما يشمل من ماء و هواء، و فضاء و تربة و كائنات حية، و منشآت أقامها لإشباع حاجاته.
وتعرف أيضا على أنهـا مجموعـة العوامـل البيولوجيـة و الكيميائية و الطبيعية والجغرافية و المناخية المحيطة بالإنسان والمحيطة بالمساحات التي يقطنها و التي تحدد نشاط الإنـسان واتجاهاته و تؤثر في سلوكه و نظام حياته.
وحسب مؤتمر ستكهولم: البيئة هي كل ما تخبرنا به حاسة السمع والبصر والـشم واللمس والذوق سواء كان هذا من صنع الطبيعة أو من صنع الإنسان.[8]
المطلب الثالث: مفهوم الأمن البيئي
برز مصطلح الأمن البيئي كحقل دراسي مع منتصف ثمانينات القرن العشرين كمرادف لمساعي التحرر من التهديدات المتصاعد الذي باتت تمثله على حياة البشر الضغوطات والانتهاكات التي تتعرض لها البيئة، وتؤثر فيها وتعمل على استنزاف مواردها الطبيعية وهو يجمع بين مفهوم الأمن ومفهوم البيئة فهو يشير إلى المشاكل الأمنية الناجمة عن المجتمعات البشرية وتأثيرها سلبيا على البيئة هذا من جهة أما من جهة أخرى فهو يشير إلى الأزمات والكوارث التي تسببها البيئة وما لها من آثار سلبية على المجتمع الإنساني، وقد عرف بمجموع من التعاريف منها:
*تعريف باري بوزان بقوله: الأمن البيئي يعني (الحفاظ على الظروف البيئية التي تدعم تطوير النشاط البشري) معتقدا أن المقاربة الأمنية في هذا القطاع ترتبط بالخوف من فقدان الشروط الأساسية للحفظ على جودة الحياة
*وتعريف فيليز بيتر غليديتش من المعهد الدولي لبحوث السلام في أوسلو بقوله: إن الأمن البيئي هو التحرر من الدمار البيئي وندرة الموارد).
*أما إليزابيث شالسكي فترى أن الأمن البيئي يعكس قدرة أمة أو مجتمع على مقاومة ندرة الثروات البيئية والمخاطر البيئية أو التغيرات المضادة أو التوترات أو الصراعات ذات الصلة بالبيئة، ولقد ركزت شالسكي في تعريفها هذا على عامل ندرة الموارد باعتباره السبب الرئيسي في نشوب النزاعات والصراعات
وبصفة عامة إن الأمن البيئي يعني قدرة الاعتماد على استمرارية عمل الأنظمة الطبيعية.[9]
المبحث الثاني: مكونات البيئة ومحددات الدراسة البيئية وأسباب التدهور البيئي
المطلب الأول: مكونات البيئة
بعد التعرف على معنى كلمة البيئة لغة واصطلاحا ومعنى الأمن البيئي لا بد من معرفة عناصرها التي تنقسم إلى قسمين وهما:
أ- المكونات الأولية
وهي المكونات الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها وتتمثل في:
1عامل الضوء: الذي يؤدي دورا أساسيا في النظام الحيوي البيئي على السواء إذ يشكل مصدر الطاقة الرئيسي للحياة ويتكون الضوء الذي يأتي من أشعة الشمس من أمواج كهرومغناطيسية يمكن تقسيمها بين طول الموجة إلى ثلاث أقسام رئيسية وهي الأشعة البنفسجية، الأشعة المرئية، الأشعة تحت الحمراء.
وأهمها الأشعة المرئية حيث تمثل المدى الذي من خلاله تبدأ تتدفق الطاقة عبر النظام الحيوي مثلا في امتصاص الصيغة الخضراء في الكلور في النبات للأمواج ممتدة من الأشعة المرئية ثم تحويل الطاقة الضوئية إلى كيميائية على شكل مركبات عضوية غنية بالطاقة يتم تحررها عند أكسدة المياه العضوية، ويؤثر الضوء في النظام الحيوي تأثيرا واسعا ومتباينا إذ يؤثر بشكل مباشر على فسلجة الكائنات الحية فيما يتعلق بالتمثيل الضوئي أو الحرارة أو أنواع الكائنات الحية البحرية.
2 عامل الحرارة: إن لكل كائن حي مجالا حراريا معينا يمكن أن يعيش فيه ويمارس نشاطه بشكل طبيعي فإذا حدث تغيير في المجال الحيوي لكائن ما فإن فسلجة الكائن الحي ستتغير وبالتالي سيتغير نشاطه الحيوي ، وإن حدوث الاختلافات الحرارية وغيرها من العوامل أدى إلى تباين في المواطن البيئية وتباين في أنواع الكائنات الحية وتوزيعها على الأرض.
3عامل الرطوبة: وهي نسبة بخار الماء في حجم معين من الهواء في مكان معين وتختلف درجة الرطوبة حسب الزمان والمكان وهنا تتداخل الرطوبة والحرارة والضوء حيث إن الضوء يولد الحرارة التي تؤدي إلى تبخر الماء وزيادة درجة رطوبة الجو وتؤثر الرطوبة على النبات والحيوان معا و تؤثر بشكل مباشر على قدرة الحيوان وعلى تحمله الحرارة وعلى نشاطه النفسي.
4عامل الغازات: يتكون الغلاف الغازي للكرة الأرضية من نسبة متفاوتة لمكوناته الرئيسية من مجموعة من الغازات وأهم هذه الغازات غاز الأوكسجين وغاز ثاني أكسيد الكربون إذ يؤثران على توزيع الكائنات الحية في مختلف المواطن اليابسة والمائية.
5عامل الرياح: يأتي تأثير الرياح في شدتها وبالتالي يركز هذا التأثير في المناطق الجبلية والمرتفعة، كما أن هناك تأثيرا بيئيا على خصوبة النباتات وتوزيعها؛ ففي الرياح الشديدة يحدث توزيع موجه وغير منظم لحبوب اللقاح الأمر الذي يؤدي لخلل في بيئة الإخصاب وبالتالي لخلل في توزيع النباتات.
ب- المكونات الثانوية
وتعتبر المكونات الثانوية من المكونات الفرعية التي يمكن الاستغناء عنها وتتمثل في:
1عامل الموقع: ويعني الارتفاع والانخفاض عن سطح البحر أو البعد عن خط الاستواء ففي الحالة الأولى أي الارتفاع يؤثر الموقع حسب الارتفاع عن سطح البحر على توزيع الكائنات الحية، وهذا الأمر يلاحظ بوضوح في تدرج نمو الأشجار العالية من سطح الجبل إلى القمة التي تحتوي على شجيرات صغيرة وذات كثافة قليلة وذلك نظرا لتداخل تأثير عوامل مشتركة مثل نسبة الأوكسجين وشدة الرياح وشدة الاستضاءة وكذلك يؤدي ذلك إلى تجمع الحيوانات بأنواعها داخل المناطق الكثيفة من الغابات وبالتالي يصبح التأثير واضحا على توزيع الكائنات الحية.
2عامل خصائص التربة: تشتمل التربة على الخصائص الكيميائية كدرجة الملوحة، درجة، نسب وجود الغازات بين حبيبات التربة والخصائص الفيزيائية والحيوية وتتداخل تأثيرات هذه الخصائص جميعا.
3 المناخ الكيميائي: ويعني نسبة تواجد المواد العضوية وغير العضوية بالإضافة لدرجة الملوحة ودرجة الحموضة والأيونية في الموطن البيئي سواء كان مائيا أو من اليابسة، مثلا نلاحظ الاختلاف الواضح في النباتات والحيوانات التي تعيش في المناطق البيئية الفقيرة أو المتوسطة أو الغنية بالمواد الغذائية فضلا عن الاختلاف الناجم عن درجة الحموضة والملوحة، وكذلك ينطبق الحال على المقارنة بين المواطن البيئية حيث تكثر النباتات والمنتجات في المياه الغنية بالمغذيات.
4المناخ المائي: تتضح أهمية الماء من خلال الآية الكريمة: "وجعانا من الماء كل شيء حيا"[10]، إلا أن تأثير الماء على توزيع الكائنات الحية يعتمد على حالة وجود الماء أكثر من الاعتماد على وجوده نفسه، فيجب أن يوجد الماء بحالة قابلة للاستعمال من قبل الحيوانات ولامتصاص من قبل النباتات كأن يكون متجمدا أو يكوم شديد الدرجة بالنسبة للمواطن البيئية اليابسة.
5 المواطن البيئية: يعرف الموطن البيئي على أنه المكان المناسب لكائن حي معين أو مجموعة من الكائنات الحية تمارس نشاطاتها الحيوية المختلفة في ذلك المكان ومن هنا يمكن أن نقسم المواطن البيئية إلى قسمين وهما:
1- المواطن البيئية المائية وتنقسم بدورها إلى قسمين وهما:
- أ- المواطن المالحة كالبحار و المحيطات: وتغطي المواطن المالحة %70 من حجم الكرة الأرضية وتنقسم إلى أفقية وعمودية.
- ب- المواطن المائية العذبة: وتشمل كافة المواطن المائية العذبة المختلفة الراكدة مثل البرك، البحيرات الجارية، الشلالات، كما تشمل ينابيع المياه المعدنية الأكثر حرارة.
-2المواطن البيئية اليابسة: المناطق اليابسة تنقسم حسب الطول وحسب الارتفاع من سطح البحر إلى سبع مناطق حيوية متميزة عن بعضها وهي:
- أ منطقة الغابات الماطرة الاستوائية على جانبي خط الاستواء.
- ب منطقة العشبية على جانبي المنطقة الاستوائية.
- ت منطقة الغابات المتساقطة الأوراق: مناطق شرق آسيا ووسط أوروبا وشرق أمريكا.
- ث منطقة صحراوية.
- ج منطقة التيجة تقع شمال التندرا وشمال منطقة الغابات المتساقطة الأوراق.
- ح منطقة التندرا وهي أبعد منطقة على خط الاستواء.
- خ المنطقة القطبية.[11]
المطلب الثاني: محددات الدراسة البيئية
تتضمن دراسة البيئة قياس أثر أنشطة الإنسان على الأنظمة البيئية، وعلى المجموعات الحيوانية والنباتية، وعلى نوعية الهواء والماء وعلى عناصر المناخ.
أما تطبيق الاختصاصات المتعددة في البيئة فيأخذ بالحسبان مختلف درجات تنظيم عالم الأحياء، انطلاقا من الفرد ووصولا إلى المحيط البيئي، لتحديد أصغر الآثار الناتجة عن الإنسان، يقدم علم الحيوان وعلم النبات وصفا لحالة عالمي الحيوان والنبات، يدرس علم البيئة الذاتي العلاقات بين نوع ما وبين محيطه الحياتي، نمط غذائه، الشروط الضرورية لتكاثره واستمراره في الحياة (درجة الحرارة، الضوء، الرطوبة، وجود أنواع أخرى).
أما ديناميكية المجموعات (علم البيئة الديناميكية) فيهتم بالأعداد التي تشكل هذه التجمعات وتحدد أسباب اختلالات التوازن المحتمل (تكاثر نوع أو اختفائه)أما علم السمامة البيئية فيتناول تقدير أثر مخلفات الصناعة أو الزراعة أو النقل على عالمي الحيوان والنبات، لقد استفادت هذه العلوم البيئية، بشكل واسع من التقدم التيكنولوجي الذي حصل (أقمار اصطناعية لمراقبة الأرض، تصغير أجهزة البث المستعملة لتتبع المجموعات، تقسيم الأنظمة البيئية ضمن نماذج معلوماتية...)، لكن عمليات المراقبة على الأرض تضل ضرورية بشكل حتمي.[12]
المطلب الثالث: أسباب التدهور البيئي
التدهور البيئي، يعني التدمير أو التهديد الذي مس الإطار الذي يحيا فيه الإنسان، وينشأ، ويعيش فيه حتى نهاية عمره، ويمس التدمير جميع العوامل الطبيعية والبيولوجية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وكل ما يؤثر على الإنسان بطرق مباشر أو غير مباشر، ويعني أيضا التراجع السريع للموارد الطبيعية المتجددة منها أو غير المتجددة على سطح الأرض وكل مكونات البيئة الطبيعية نتيجة البحث عن النمو الاقتصادي الأسرع، فالتدهور البيئي هو أيضا تدهور في كل عناصر البيئة الطبيعية.[13]
ويعتبر التلوث أول سبب من أسباب التدهور البيئي ويقصد به بث طاقة أو أداة في البيئة بكميات كبيرة في غير المكان والوقت المناسبين مما يضر بصحة الإنسان ويعد من الاستخدامات المشروعة للبيئة، ويؤدي التلوث في أغلب الأحيان إلى تغير غير مرغوب في الصفات الفيزيائية أو الكيميائية أو الإحيائية للبيئة.
وعلى الرغم من أن هناك تلوثا طبيعيا ينشأ من ثورة البراكين وحرائق الغابات وغيرها فإن أكثر ما تعاني منه البيئة في الوقت الحالي، هو التلوث الناشئ عن فعل الإنسان مثل تلوث المياه السطحية والجوفية والتربة والهواء والغذاء.
والتلوث أنواع عدة أذكر منها:
- التلوث بالطاقة: وينشأ عن مصادر فيزيائية مختلفة ويعتبر التلوث بالمواد المشعة الذي قد يسبب تغيرات كبيرة في أجسام الكائنات الحية، أهم مصادر التلوث بالطاقة.
وعلى الرغم من أن خلايا الكائنات الحية تحتوي بصورة طبيعية على كميات ضئيلة من المواد المشعة، فإن تعرضها للتلوث الإشعاعي يزيد من تركيز العناصر المشعة في الخلايا والأنسجة الحية، مما يؤدي إلى حدوث خلل في العمليات الإحيائية التي تسري بها الحياة، وفي القرن العشرين زاد تعرض الناس للإشعاع من مصادر مختلفة، وكان أول تلك المصادر استخدام الأشعة السينية في تشخيص الأمراض وعلاجها وقد جرى ذلك قبل توفير سبل الوقاية والأمان لمن يستخدم أو يتعرض لهذه الأشعة ومنذ عام 1945م وحتى الآن، أدى تفجير الأسلحة النووية إلى تسرب كميات كبيرة من المواد المشعة إلى البيئة.
ومؤخرا زادت حوادث بعض المفعلات الذرية التي تستخدم لتوليد الطاقة كمن اهتمام الرأي العام بتوفير مستوى كاف من الأمان أثناء تشغيل وصيانة تلك المفعلات.
ويطالب علماء البيئة حاليا بتحسين تداول وتصريف النفايات الخطرة ولا سيما تلك التي تحمل بين طياتها مواد مشعة مثل نفايات محطات توليد القوى النووية وبعض نفايات المستشفيات ومعاهد البحث العلمي والجامعات، حتى يمكن الحد من تأثيراتها الضارة على البيئة، وعلى الرغم من الجدل القائم حول أضرار التلوث بمصادر الطاقة المختلفة وحول نسب إسهام كل منها في التلوث البيئي، فإن هذا لا يعني أن نتجاهلها، فقد تسبب الإنسان في رفع درجة حرارة الهواء الجوي المحيط به من جراء الملوثات التي يبثها في البيئة خلال بعض الأنشطة الصناعية ومن مرافق توليد الطاقة.
وعلى الرغم من أن هذه التأثيرات ما زالت في مناطق محددة فإن تجاهل هذا الأمر قد يؤدي بمرور الوقت إلى مشكلات كبيرة يستعصي على الإنسان التصدي لها.
-التلوث بالضوضاء، وهو أكثر أنواع الملوثات الفيزيائية التي تسبب الضيق والضجر وفي أغلب المناطق لا تكون الضوضاء بالمستوى الذي يؤدي إلى الإضرار بصحة الناس فيما عدا داخل بعض أماكن العمل مثل مصانع الغزل والنسيج، وفي بعض المناطق يكون تأثير الضوضاء أكثر وضوحا ما في المناطق المجاورة للمطارات ومناطق ازدحام المرور.
-التلوث بالمواد وهو من أهم مصادر التلوث التي تضر بالكائنات الحية ومن المعروف أن الكائنات الحية تتغذى على مجموعة من العناصر الغذائية التي توجد في البيئة بكميات تلبي احتياجاتها ويؤدي نقص تلك العناصر أو وجودها بتركيز مرتفع، وهي إحدى حالات تلوث البيئة إلى الإضرار بالكائنات الحية كما يؤدي تفاعل بعض هذه العناصر مع بعضها الآخر أو مع غيرها من العناصر الموجودة في البيئة إلى تكوين مركبات جديدة قد تكون ضارة بالكائنات الحية ويتفاوت هذا الضرر تبعا لنوعية الكائن الحي وفترة التعرض ومستوى تركيز المواد الملوثة.
ويجب التفريق بين الملوثات الطبيعية والملوثات الغير طبيعية، حيث يمثل المجموعة الأولى عناصر ومركبات الرصاص والزئبق وأكسيد الكبريت والنتروجين وهي مواد طبيعية وجدت في البيئة منذ أمد بعيد، ويمثل المجموعة الثانية مبيدات الآفات والمركبات الصيدلانية والمواد الحافظة للغذاء ومواد التجميل والمواد البلاستيكية ولبعض المواد المذكورة تأثير ضارة تفوق منافعها والكثير منها يسبب في أمراض فتاكة.[14]
المبحث الثالث: تأثير التدهور البيئي على الأمن الإنساني وتطور الاهتمام الدولي بقضايا البيئة وأهم الاتفاقيات البيئية
المطلب الأول: تأثير التدهور البيئي على الأمن الإنساني
من أهم الأسباب العميقة لتدهور الأمن الإنساني، هو عدم التوازن الإيكولوجي، وتدهور الموارد فبدون الاستقرار الإيكولوجي لا يمكن أن ينعم الناس بالأمن الغذائي، والأمن الصحي، والعلاقة بين الأمن الإنساني والبيئة تتجلى بوضوح في مجالات اعتماد الإنسان على إمكانية حصوله على الموارد الطبيعية فالبيئية تشكل جانبا حيويا من جوانب سبل عيش الكثير من الناس وعندما تصبح هذه الموارد مهددة بسبب التغير البيئي يصبح أمن الإنسان مهددا أيضا وهذه العلاقة تجد تعبيرا عنها، في تشجيع التنمية المستدامة التوازن الدقيق بين أمن الإنسان والبيئة، بمثل محور التنمية المستدامة.
إن العبثية واللامسوؤلية التي يتعامل بها الإنسان مع البيئة، أنتجتا ظواهر تبعث عن القلق، بسبب انتشار الحروب كاستخدام أسلحة مشعة في الحرب على أفغانستان ولبنان محظورة دوليا، لما تخلفه من إشعاعات نووية تؤثر على الكائنات البحرية والثروة النباتية كذلك التفجيرات النووية في قاع البحار والمحيطات وفي باطن الأرض، وارتفاع درجة حرارة الأرض واتساع ثقب الأوزون وذوبان المحيطات الثلجية القطبية، دليل على المعاملة القاسية للإنسان تجاه البيئة.
وهناك من علماء البيئة من أرجع كارثة التسونامي إلى فعل الإنسان العبثي وإخلاله بالاستقرار والتوازن الإيكولوجي، مما أدى إلى حدوث كارثة إنسانية راح ضحيتها أكثر من 65 ألف قتيل وتدمير مساحات شاسعة كانت تعج بالحياة والحيوية والتأثير السلبي على اقتصاديات دول مثل إندونيسيا وتايلاند والهند وسيريلانكا وتشريد ما يقرب من (1.2) مليون نسمة من هذه البلدان ومن بين أكثر المشاكل البيئية استعصاء على الحل هي تدهور الأراضي وتملحها بسبب نظم الري سيئة التخطيط وملوثات المعادن والنسيج الصناعي التي لها تأثير دائم على أمن الإنسان، فالعلاقات الجوهرية
وبإدارتها وباستخدامها على نحو مستدام ومن الحيوي لتحقيق ذلك ضرورة ربط خطط تحسين إدارة البيئة والتنمية المستدامة ربطا سريعا باتقاء الكوارث والتأهب لها، غير أن منطق التجارب النووية والبيولجية والبكتيرية والصناعات التي تنبعث منها الغازات الدفيئة والحرارية الإغراق في استخدام مشتقات النفط والغاز قضى على المجهودات المبذولة في مجال المحافظة على البيئة وسلامتها؛ فالانسحاب الأمريكي الكلي من معاهدة خطر الصواريخ الباليسيتية لعام 1972م التي تعتبر الحجر الأساس في وقف السباق نحو التسلح، وتمنع إجراء تجارب نووية في قاع البحار والمحيطات، وكذلك انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من معاهدة (كنوتو للبيئة) عام 1997م وبالتالي إطلاق يد الشركات الأمريكية في تلويث الجو بمعادلات غير منضبطة ولا تخضع للمراقبة وعدم مصادقتها أيضا على الكثير من المعاهدات الخاصة بحظر الأسلحة الكيماوية والبيولوجية فاستخدام الأسلحة الكيماوية كمبيدات للأعشاب تؤدي إلى تعرية واسعة المدى للتربة وإفناء الحياة البرية والأرضية والتدهور في الثورة السمكية البحرية الساحلية.
ويتفاوت التأثير على البشر من حالات التسمم العصبي إلى الإصابة للالتهاب الكبدي وسرطان الكبد والإجهاض التلقائي والتشوهات الخلقية كذلك إدخال الأسلحة النووية في الحروب أخذت أبعادا جديدة وهي تمثل زيادة هائلة في القوة التدميرية، فبعدما كانت تحسب بالكيلو طن أصبحت تحسب بالميغا طن.
وعلى الرغم من الإدانة الواسعة للاستخدام الأسلحة النووية فإن إنتاجها واختبارها مستمران، وتتنبأ بعض الدراسات بآثار نشوب حرب نووية واسعة النطاق عندها ستغطي السماوات السوداء مساحات كبيرة من الأرض لأسابيع وشهور عديدة وستنخفض درجات الحرارة إلى ما دون درجة التجمد وستؤثر هذه التغيرات المناخية على الزراعة والنظم الإيكولوجية مع حدوث آثار عميقة على إنتاج الأغذية وتوزيعها، وفي سياق الحرب على العراق لم ينتظر مسئولو البانتاغون نهاية الحرب ليعلنوا عن استخدام قذائف الأورانيوم المستنفذ لأنها أكثر فعالية في خرق مصفحات العدو فإن لهذه القذائف آثارا إشعاعية مدمرة على البيئة بحيث إنها حين ترتطم بهدفها تتحول تحت تأثير الحرارة العالية إلى جسيمات دقيقة من أكسيد الأورانيوم وتنتشر على شكل ضباب يلوث المنطقة المحيطة وهي تسبب أنواعا من السرطانات خاصة اللوكيميا إضافة إلى تشوهات جسدية وتدهور في وظائف الكلي.
الأمر نفسه يتكرر مع مشهد آخر من الحروب المعلنة على البيئة ففي الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان في صيف 2006م أعرب برنامج الأمم المتحدة للبيئة في أول غشت 2000م عن قلقه الشديد بشأن التلوث النفطي الذي تعانيه السواحل اللبنانية جراء القصف الإسرائيلي لخزانات الوقود، وانتشرت البقعة النفطية على الساحل اللبناني وقد بلغ طولها 80 كلم ووصفت جماعة أصدقاء البيئة الأمر بأنه كارثة بيئية، والشاهد هنا أن الحرب على البيئة تشكل تحديا للأمن الإنساني.[15]
المطلب الثالث: تطور الاهتمام الدولي بقضايا البيئة
السنوات الأولى بدأت الحكومات على مدى قرون من الزمن في عقد اتفاقيات تتعلق بالمحافظة على البيئة الطبيعية، ويمكن إرجاع الجهود إلى اتخاذ إجراء دولي للمحافظة على الطيور المفيدة للزراعة إلى سنة 1868م، وقد أنشأ عدد كبير من لجان مصائد الأسماك في النصف الأول من القرن العشرين، ويرجع القانون الدولي الحالي الخاص بالتلوث البحري إلى خمسينات القرن العشرين غير أن القضايا البيئية لم تعتبر جزءا من الاتجاه السائد في السياسة العالمية، لدرجة أنها لم تكن مرتبة في أهم كتاب مدرسي صدر قبل حقبة الحرب الباردة وهو (السياسة بين الأمم) لهانس مورغنثو، حيث كان الذكر الوحيد للبيئة الطبيعية في الصفحة 109 من الكتاب بوصفها عاملا من عوامل القوة القومية كما كان ينظر إلى القضايا البيئية بوصفها حكرا على المفاوضات بشأن الثروة السمكية، حفظ الأحياء البرية، وتصميم ناقلات النفط، وهناك من يرجع بداية الحديث عن المحافظة على الموارد الطبيعية إلى سنوات الثمانينات، حيث نبه مفكروا (نادي روما) الرأي العام إلى مسألة التأثيرات الخطيرة للنمو الصناعي على النظم الإيكولوجية العالمية، ورغم أنه لم يكن لديه آثار ملموسة، إلا أنه أدى إلى بداية النقاش حول مسألة التوفيق بين مطالب النمو الاقتصادي ودعوات حماية البيئة، وذلك بعد صدور تقرير النادي المعروف بعنوان (حدود النمو)
برزت القضايا البيئية لأول مرة كنقطة محورية للسياسة الدولية في القرن 19، وذلك في سياق الاتفاقيات الدولية الخاصة بإدارة الموارد، فقد أنشئت منظمة السلامة البحرية الدولية عام 1948م، والتي أعدت لمعاهدة حول التلوث البحري عام 1945م، (معاهدة منع تلوث البحار).
إن أول معاهدة دولية معنية بالحياة النباتية والتي وقعت في مدينة بيرن بألمانيا عام 1889م تهتم بصورة أساسية بمرض يهدد كروم العنب في أوروبا، وتبعت ذلك في عشرينات وخمسينات القرن العشرين سلسلة من الاتفاقيات الدولية والإقليمية بشأن الحياة النباتية وبالمثل فقد كانت أول اتفاقية حول الغطاء الحيواني هي معاهدة حماية الطيور المفيدة للزراعة عام 1992م، ثم إنشاء منظمة الأغذية والزراعة العالمية التابعة للأمم المتحدة حيث اشتملت المهام الموكلة إليها على المحافظة على الموارد الطبيعية.[16]
غير أنه من خلال تلك الفترة بدأ يتجل الاهتمام بالمحافظة على البرية سواء كهدف في حد ذاته أو بصفتها أحد الموارد الاقتصادية ولكن ستينات القرن العشرين هي التي شهدت بدايات تزايد الجهود الدولية المتشاركة في موضوع التلوث وضرورة المحافظة على البيئة الطبيعية وخاصة في البلدان المتقدمة ذلك أن كتاب راشيل كارسن الذي يحمل عنوان: (الربيع الصامت) لم يكن من شأنه أن يثير مشاعر القلق الشديد حيال الانتشار الواسع للمبيدات الحشرية فحسب بل ساهم أيضا في إطلاق الحركات البيئية الحديثة وتزايد القلق بشأن التلوث البحار جراء بعض الكوارث مثل حادثة تسرب النفط من الناقلة توري كايتون عام 1927م.
وازداد اهتمام منظمة الملاحة البحرية الدولية لمنع التلوث النفطي في البحار
وحظيت مشكلة تلوث الهواء والأمطار الحامضية باهتمام متزايد، خاصة في الدول الاسكندينافية.
وبدأت في أواسط الستينات القرن العشرين المناقشات غير الرسمية حول وضع قانون بحار جديد يهدف إلى التحكم بإمكانات الوصول إلى البحار الدولية وقيعان البحار واستخداماتها.[17]
المطلب الثالث: أهم الاتفاقيات البيئية
أبرمت مجمعة من الاتفاقيات البيئية، لحماية البيئة والحفاظ عليها في شتى المجالات، حيث تعددت بتعدد الدول والمؤسسات، ومنها:
- الاتفاقية الدولية لحماية الطيور، باريس 1950م.
- اتفاقية إنشاء منظمة حماية النباتات في أوروبا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط (بصيغتها المعدلة)، باريس 1951م.
- الاتفاقية الدولية لحماية النباتات، روما1951م.
- الاتفاقية الدولية لمنع تلوث البحار بالنفط (بصيغتها المعدلة) في11 أبريل 1963م، وفي21 أكتوبر 1969م، بلندن.
- التعديلات للاتفاقية الدولية لمنع تلوث البحار بالنفط 1954م، والمتعلقة بالترتيبات الخاصة بالصهاريج والحد من حجم الصهاريج، لندن 1971م.
- التعديلات للاتفاقية الدولية لمنع تلوث البحار بالنفط 1954م، والمتعلقة بحماية الرصيف المرجاني الكبير، لندن 1971م.
- الاتفاقية الخاصة بأعالي البحار، جنيف 1958م.
- اتفاقية المسؤولية المدنية في ميدان الطاقة النووية (بصيغتها المعدلة)، باريس 1960م.
- الاتفاقية المكملة لاتفاقية باريس الخاصة بالمسؤولية المدنية في ميدان الطاقة النووية (بصيغتها المعدلة) بروكسل 1963م.
- معاهدة حظر تجارب الأسلحة النووية في الجو وفي الفضاء الخارجي وتحت سطح الماء، موسكو 1963م.
- اتفاق إنشاء لجنة لمكافحة الجراد الصحراوي في الجزء الشرقي من منطقة انتشاره في جنوب غربي آسيا (بصيغته المعدلة)، روما 1963م.
- الاتفاقية الدولية الخاصة بالمسؤولية المدنية عن الضرر الناجم عن التلوث بالنفط (بصيغتها المعدلة)، بروكسل 1969م.
- الاتفاقية الدولية المتعلقة بالتدخل في أعالي البحار في حالات الكوارث الناجمة عن التلوث بالنفط، بروكسل 1969م.
- البروتوكول الخاص بالتدخل في أعالي البحار في حالات التلوث البحري بمواد أخرى غير النفط (بصيغته المعدلة)، لندن 1973م.
- اتفاق إنشاء لجنة لمكافحة الجراد الصحراوي في شمال غربي إفريقيا (بصيغتها المعدلة)، روما 1970م.
- الاتفاقية المتعلقة بالأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية ولا سيما بوصفها موئلا لطيور الماء، رامسار 1971م.
- بروتوكول لتعديل الاتفاقية المتعلقة بالأراضي الوطنية ذات الأهمية الدولية ولا سيما بوصفها موئلا لطيور الماء، باريس 1982م.
- معاهدة حظر وضع الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة التدمير الشامل على قاع البحار والمحيطات وفي باطن أرضها، لندن، موسكو، واشنطن 1971م.
- الاتفاقية الخاصة بالمسؤولية المدنية في ميدان النقل البحري للمواد النووية، بروكسل 1971م.
- الاتفاقية الدولية المتعلقة بإنشاء صندوق دولي للتعويض عن الضرر المنجز عن التلوث بالنفط (بصيغتها المعدلة)، بروكسل 1971م.
- اتفاقية منع التلوث البحري الناجم عن إلقاء الفضلات من السفن والطائرات (بصيغتها المعدلة)، أوسلو 1972م.
- الاتفاقية المتعلقة بحماية التراث الثقافي والطبيعي للعالم، باريس 1972م.
- اتفاقية منع التلوث البحري الناجم عن إغراق النفايات ومواد أخرى (بصيغتها المعدلة)، لندن، ومدينة مكسيكو، وواشنطن 1972م.
- اتفاقية الاتجار الدولي في أنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض، واشنطن 1973م.
- الاتفاقية الدولية لمنع التلوث الذي تتسبب فيه السفن، لندن 1972م.
- البروتوكول المتعلق بالاتفاقية الدولية لمنع التلوث الذي تتسبب فيه السفن، لندن 1978م.
- اتفاقية حماية البحر الأبيض المتوسط من التلوث، برشلونة 1976م.
- برتوكول منع تلوث البحر الأبيض المتوسط الناجم عن إلقاء الفضلات من السفن والطائرات، برشلونة 1976م.
- البروتوكول المتعلق بالتعاون في مكافحة تلوث البحر الأبيض المتوسط بالنفط ومواد ضارة أخرى في حالات الطوارئ برشلونة 1976م.
- برتوكول حماية البحر الأبيض المتوسط من التلوث من مصادر في البر أثينا، 1980م.
- برتوكول بشأن المناطق المتمتعة بحماية خاصة بالبحر الأبيض المتوسط، جنيف 1982م.
- الاتفاق المتعلق بحماية مياه شواطئ البحر الأبيض المتوسط، موناكو 1976م.
- اتفاقية الكويت الإقليمية للتعاون في حماية البيئة البحرية من التلوث، الكويت 1978م.
- البروتوكول المتعلق بالتعاون الإقليمي في مكافحة التلوث بالنفط وبمواد ضارة أخرى في حالات الطوارئ، الكويت 1978م.
- اتفاقية حفظ الأحياء البرية والموائل الطبيعية الأوروبية، بارن 1979م.
- اتفاقية متعلقة بالحماية الطبيعية للمواد النووية، فيينا 1979م.
- اتفاقية التلوث بعيد المدى للهواء عبر الحدود، جنيف 1979م.
- بروتوكول للاتفاقية الخاصة بتلوث الهواء البعيد المدى عبر الحدود، متعلق بالتمويل الطويل الأجل للبرنامج التعاوني لرصد وتقييم النقل البعيد المدى لملوثات الهواء في أوروبا، جنيف 1984م.
- بروتوكول للاتفاقية الخاصة بتلوث الهواء البعيد المدى عبر الحدود، متعلق بخفض انبعاثات الكبريت أو تدفقاتها عبر الحدود بمقدار 30 في المائة على الأقل، هلسينكي 1985م.
- بروتوكول اتفاقية بشأن تلوث الهواء بعيد المدى عبر الحدود والمتعلق بالتحكم في انبعاثات أكسيد النيتروجين أو تدفقاتها عبر الحدود، صوفيا 1988م.
- الاتفاقية الإقليمية لحفظ بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، وجدة، 1982م.
- البروتوكول المتعلق بالتعاون الإقليمي في مكافحة التلوث بالنفط وبمواد ضارة أخرى في حالات الطوارئ، جدة 1982م.
- اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون، فيينا 1985م.
- بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون، مونتريال 1987م.
- اتفاقية لحماية وإدارة وتنمية البيئة البحرية والساحلية لمنطقة شرقي إفريقيا، نيروبي 1985م.
- بروتوكول متعلق بالمناطق المحمية والحيوانات والنباتات البرية في منطقة شرقي إفريقيا، نيروبي 1985م.
- الاتفاقية المتعلقة بالسلامة في استخدام الاسبستوس، جنيف 1986م.
- اتفاقية بشأن التبليغ المبكر عن وقوع حادث نووي، فيينا 1986م.
- اتفاقية بشأن تقديم المساعدة في حالة وقوع حادث نووي أو طارئ إشعاعي، فيينا، 1986م.
- اتفاقية تنفيذ برتوكول مونتريال للمواد المستنفدة لطبقة الأوزون واعتماد اتفاقية بازل للتحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود، 1989م.
- اعتماد آلية مالية لتنفيذ برتوكول مونتريال لحماية طبقة الأوزون، 1990م.
- عقد مؤتمر ريو دي جانيور في شهر يونيو، حيث اجتمع فيه زعماء العالم لبحث قضية التنمية والبيئة 1992م، وانبثق عن هذا المؤتمر اتفاقيتان:
أ - اتفاقية تغير المناخ: وذلك من أجل وقف الارتفاع المتوقع في درجات الحرارة وارتفاع منسوب البحار.
ب - اتفاقية التنوع الحيوي: وهذه الاتفاقية للمحافظة على جميع الأصناف الحيوية إذ أن دراسات العلماء أشارت إلى ما يقارب 100 صنف حيواني ونباتي يتم فقده كل يوم.[18]
المبحث الرابع: البيئة في التشريعات التي تصدرها الدول لتنظيم شؤونها وأثر القانون الدولي على تحقيق مفهوم الأمن البيئي
المطلب الأول: البيئة في التشريعات التي تصدرها الدول لتنظيم شؤونها
لقد اهتمت القوانين في الدول المختلفة بقضايا البيئة وكيفية حمايتها والحد من مشكلات التلوث ومنها الإخلال بالتوازن الطبيعي، والحد من تداول المواد الضارة والخطرة على البيئة، والإشراف على المؤسسات والجهات العامة والخاصة لمنعها من الإساءة إلى البيئة، ووضع القواعد للتعامل مع النفايات الخطرة، وأي تلوث للبيئة، بالإضافة لنشر الوعي البيئي والحرص على المحافظة على البيئة، والنص على المؤيدات والعقوبات التي تضمن الالتزام بما نصت عليه القوانين من أُسس وقواعد لحماية البيئة، وترشيد التعامل معها، والاستعمال لمكوناتها على أساس من قواعد السلامة العامة، وما يصون العناصر البيئية من أي أضرار وأخطار، وبخاصة الماء والهواء والتربة. وقد نصت هذه القوانين على احترام الاتفاقيات الدولية للمحافظة على البيئة..وعلى سبيل المثال: عرف قانون حماية البيئة الأردني الصادر 2007 وهو من أحدث القوانين العربية في مجال البيئة في مادته الثانية البيئة بالمحيط الذي يشمل الكائنات الحية وغير الحية وما يحتويه من مواد وما يحيط به من هواء وماء وتربة وتفاعلات أي منها، وما يقيمه الإنسان من منشآت فيه.
وبيّن أن عناصر البيئة هي الماء والهواء والأرض وما تشتمل عليه بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى الإضرار بالبيئة أو يؤثر سلباً على عناصرها، أو يؤثر على ممارسة الإنسان لحياته الطبيعية أو ما يخل بالتوازن الطبيعي.
وعرف التدهور بالتأثير على البيئة مما يقلل من قيمتها أو يشوه من طبيعتها أو يستنزف مواردها أو يضرب الكائنات الحية أو الآثار.
وبيّن أن المقصود بحماية البيئة هو المحافظة على مكونات البيئة وعناصرها والارتقاء بها ومنع تدهورها أو تلوثها أو الإقلال منها ضمن الحدود الآمنة من حدوث التلوث وتشمل هذه المكونات الهواء والمياه والتربة والأحياء الطبيعية والإنسان ومواردهم.
وعرّف التنمية المستدامة في هذا المجال بالتنمية التي تستخدم الموارد الطبيعية بطريقة تصونه الأجيال القادمة، وتحافظ على التكامل البيئي، ولا تتسبب في تدهور عناصر ومكونات الأنظمة البيئية، ولا تخل بالتوازن بينها.
وقد نص القانون على تأسيس وزارة للبيئة تتولى حماية البيئة، واعتبرها المرجع المختص على المستوى الوطني أو الإقليمي والدولي بجميع القضايا والشؤون البيئية.
ونص في مادته الرابعة على تولي الوزارة تحقيقا أهداف حماية البيئة، وتحسين عناصرها المختلفة، وبالتعاون والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة المهام التالية:
(أ) وضع السياسة العامة لحماية البيئة وإعداد الخطط والبرامج والمشاريع اللازمة
لتحقيق التنمية المستدامة.
(ب) إعداد المواصفات والمعايير القياسية لعناصر البيئة ومكوناتها.
(ج) مراقبة وقياس عناصر البيئة ومكوناتها ومتابعتها من خلال المراكز العلمية التي تعتمدها الوزارة وفقا للمعايير المعتمدة.
(د) إصدار التعليمات البيئية اللازمة لحماية البيئة وعناصرها وشروط إقامة المشاريع الزراعية والتنموية والتجارية والصناعية والإسكانية والتعدينية وغيرها، وما يتعلق بها من خدمات، للتقيد بها واعتمادها ضمن الشروط المسبقة لترخيص أي منها أو تجديد ترخيصها، وفقا للأصول والقواعد الفنية المعتمدة.
(ه) المراقبة والإشراف على المؤسسات والجهات العامة والخاصة بما في ذلك الشركات والمشاريع لضمان تقيدها بالمواصفات البيئية القياسية والمعايير والقواعد الفنية المعتمدة.
(و) إجراء البحوث والدراسات المتعلقة بشؤون البيئة وحمايتها.
(ز) وضع أُسس تداول المواد الضارة والخطرة على البيئة وجمعها وتصنيفها، وتخزينها ونقلها وإتلافها والتخلص منها وفقا لنظام يصدر لهذه الغاية.
(ح) تنسيق الجهود الوطنية الهادفة لحماية البيئة بما في ذلك وضع إستراتيجية وطنية للوعي والتعليم والاتصال البيئي، ونقل واستخدام وتوفير المعلومات البيئية واتخاذ الإجراءات اللازمة لهذه الغاية.
(ط) الموافقة على إنشاء المحميات الطبيعية والمتنزهات الوطنية وإدارتها ومراقبتها والإشراف عليها.
(ي) إعداد خطط الطوارئ البيئية.
(ك) إصدار المطبوعات المتعلقة بالبيئة وتعتبر الوزارة الجهة المختصة بإصدار تقارير عن حالة البيئة في المملكة.
(ل) تعزيز العلاقات بين المملكة والدول والهيئات والمنظمات العربية والإقليمية والدولية في الشؤون المتعلقة بالمحافظة على البيئة والتوصية بالانضمام إليها ومتابعة تنفيذها.
وفي المملكة العربية السعودية صدر النظام العام للبيئة ولائحته التنفيذية لسنة (1422ه)، ومن أهم أهدافه تحقيق التوازن بين احتياجات البيئة ومتطلبات التنمية، ذلك أن حماية البيئة والحفاظ عليها، بل وتطويرها ينبغي ألا يشكل بالمقابل عائقا رئيسيا لبرامج التنمية الاقتصادية في المملكة، فالتخطيط البيئي يعد جزءا لا يتجزأ من التخطيط الشامل للتنمية في جميع المجالات الصناعية والزراعية والعمرانية وغيرها، حيث ألزمت معظم مواد النظام العام للبيئة ولائحته التنفيذية الجهات المسئولة عن التخطيط والتنمية الاقتصادية مراعاة التوازن بين اعتبارات البيئة وضرورات التخطيط والتنمية، فقد نصت المادة 10 من النظام على أنه "يجب مراعاة الجوانب البيئية في عملية التخطيط على مستوى المشروعات والبرامج والخطط التنموية للقطاعات المختلفة والخطة العامة للتنمية".
كما نصت المادة على أنه "على الجهة عامة اتخاذ الإجراءات التي تكفل تطبيق القواعد الواردة في هذا النظام على مشروعاتها التي تخضع لإشرافها.[19]
المطلب الثاني: أثر القانون الدولي على تحقيق مفهوم الأمن البيئي
تكتسب القرارات الصادرة على المنظمات الدولية قيمة أدبية وأخرى قانونية على المستوى العالمي خاصة إذا ما ابتعدت هذه القرارات في مضمونها عن العمومية في استخدام المصطلحات والعبارات التي تخلو من التخصيص الذي يكون مطلوبا في أحوال كثيرة ومن أمثلة القرارات الصادرة عن المنظمات الدولية ذلك الصادر عن الجمعية العامة للأمم لمتحدة والذي جاء في نصه (مطالبة الجمعية العامة جميع الدول بأن تتخذ التدابير الملائمة لمنع إلقاء النفايات النووية من شأنه أن يشكل تعديا على سيادة الدول الأخرى) واستند القرار في مضمونه إلى الأخطاء الكامنة في استخدام النفايات النووية والتي قد تؤدي إلى حرب إشعاعية بما يؤثر على الأمن الإقليمي والدولي، وأفرد القرار للبلدان النامية فقرة خاصة إذ أثبت فيها تداعيات هذه الاستخدامات على الأمن الوطني لهذه البلدان وليس الأمن البيئي فحسب، اشتملت الفقرة على كون الالتزامات المترتبة على القواعد والمبادئ الدولية تستهدف حماية مصالح الجماعة الدولية كلها وهي مصالح لها من الحيوية ما يجعل كافة أفراد هذه الجماعة أن تعتبر أي انتهاك جسيم لهذه الالتزامات حتما فعلا غير مشروع دوليا وبمثابة جريمة دولية، وإذا كانت الجريمة البيئية الوطنية تخض لمبدأ الشرعية حيث لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص فإن الفعل المسبب للجريمة البيئية الدولية يستمد صفته الإجرامية من المعاهدات وأعراف الدولية بجانب مبادئ القانون العامة، حيث نصت المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية على اعتبار مبادئ القانون العامة مصدرا أساسيا من مصادر القانون الدولي بجانب المعاهدات والأعراف الدولية، ومن هذه المبادئ:
- عدم الإضرار بالغير إذ أن من يتسبب في إلحاق ضرر بالغير فعليه التزام تعويض المضرور.
-حسن الجوار حيث لا يجوز لدولة أن تستخدم إقليمها في أنشطة يمكن أن تلحق ضررا بالدول الأخر المجاورة.
-التزام المتسبب في التلوث بجبر الضرر
ومن هنا جاء التأكيد على أن القواعد القانون الدولي المعنية بحماية الصحة البشرية والبيئة تشكل قواعد آمرة وملزمة في نظر الجماعة الدولية كلها والتي تلتزم أطرافها بالأخذ بها وتنفيذها لما فيه حماية الإنسان وسلامة بيئته خاصة ما يتعلق منها بالتعاون بين الدول فيما يتعلق بالمسؤولية وتعويض المتضررين من التلوث، وهو ما أكده المبدأ الدولي رقم 22 من إعلان ستوكهولم للبيئة الصادر عام 1972م.
وقد جاء المبدأ رقم 13 من إعلان ريو 1992م، ليؤكد على الإعلان ستوكهولم حيث نص المبدأ على أنه يجب على الدول أن تعمل على تطوير القانون الدولي فيما يتعلق بالمسؤولية والتعويض عن الآثار المعاكسة للأضرار البيئية الناتجة عن أنشطة تقع ضمن حدودها.[20]
المطلب الثالث: دور الوازع الأخلاقي في تحقيق الأمن البيئي والحفاظ على الأمن الإنساني
تعد الأخلاق حجر الأساس للتعاملات الإنسانية، وقد جاءت الأديان كلها بالدعوة إلى الإعداد الخلقي، وجعلته على قمة أهدافها التوجيهية والتربوية، وتكمن أهمية الإعداد الخلقي للإنسان في أن الأخلاق مجالها الحياة كلها، وسلوك الإنسان، وعلاقاته بربه وبنفسه وبالآخرين وبكل المخلوقات.
ومن هنا فإن افتقاد الإنسان للسلوك الأخلاقي السليم، ينعكس وبصورة سلبية على تعاملاته، فربما يكون سببا في إحداث أي نوع من أنواع التلوث، ولأن البيئة النظيفة تحتاج إلى إنسان لديه من القيم الخلقية ما يجعله يحرص على رعاية البيئة، ويسعى جاهدا للمحافظة عليها، باذلا جهده ووقته وماله من أجل خدمتها والدفاع عنها.
ومعيار الاهتمام بالبيئة يتجسد في وجود مجموعة من القيم الخلقية التي يتمثلها الإنسان ويعبر عنها في سلوكه، وعلى سبيل المثال فإن قيمة الصدق كقيمة وفضيلة من الفضائل التي يحرص عليها الإنسان تجعله حريصا على المحافظة على البيئة بوازع ذاتي ومن غير رقيب خارجي، كذلك فإن قيمة النظافة تجعل الإنسان يمتنع عن إلقاء المخلفات في غير الأماكن المخصصة لإلقاء تلك المخلفات، وهو على قناعة بما يفعل.
فالإعداد الخلقي هو الذي يجعل من الصفات الحسنة عادات في سلوك الإنسان، كما تجعله نافراً من الصفات السيئة، وإن مظاهر التلوث البيئي، يرجع السبب المباشر في حدوثها إلى الإنسان، ولهذا وجب التركيز على دراسة السبب الأساسي وراء تلوث البيئة والمتمثل في نقص التربية الأخلاقية، وبالتالي وجود تلوث خلقي.
وعند دراسة أخلاقيات التعامل مع البيئة، تبرز أهمية تحليل مفهوم الأخلاق عموما، فالأخلاق في جانبها العملي أمر مكتسب يخضع للممارسة والتعود حتى يتطابق مع النظري، وإذا كانت التربية تتناول قوى الإنسان وملكاته، فإن عمل الأخلاق هو توجيه هذه الملكات والأعمال نحو الاستقامة، وجعلها عادات سلوكية راسخة تحافظ على البيئة من التلوث، وتجعل مكونات البيئة عناصر مفيدة تضطلع بدورها في صنع الحياة.
إن تغيير الاتجاهات النفسية والفكرية المتعارضة مع السلوك الاجتماعي المرغوب فيه إلى التغيير المرغوب فيه، والمتناسب مع عقيدة المجتمع وقيمه، ومظاهر سلوكه الخلقي؛ يقتضي إزالة التناقض بين الأنظمة والقوانين المعمول بها من ناحية، ورغبات المجتمع وتطلعاته وآماله المستمدة من عقيدته من ناحية أخرى، وكذلك ربط التقدم الاقتصادي، والتكيف الاجتماعي بالأخلاق، فالتقدم الاقتصادي لا يعتمد على ما تملك الأمة من إمكانات مادية، وقوى بشرية متعلمة مدربة فحسب، بل على ما يتحلى به الأفراد من سلوك أخلاقي يضبط العلاقات، ويحقق التعاون، ويعمق الإحساس بالمسؤولية، ويصون الحقوق العامة والخاصة، ومن أبرزها الحفاظ على البيئة من كل ما استحدثه الإنسان من تقنيات، وما ابتكره من اكتشافات تتسبب في إفساد الهواء أو تلوثه.[21]
ومن المشاريع التنموية المؤسسة لحماية البيئة الاقتصاد الأخضر، الذي من مكوناته
جعل الأنشطة الاقتصادية القائمة أكثر ملائمة للبيئة، وخلق فرص اقتصادية واجتماعية جديدة من خلال تحضير الأنشطة الاقتصادية القائمة على:
– تعزيز النقل المستدام
– تخضير البناء والتصميم
– تخضير إنتاج الكهرباء
– تحسين إدارة المياه وعمليات التحلية
– تعزيز الزراعة العضوية
• الفوائد المتوقعة:
*خفض انبعاث الكربون
*تحسين النقل العام
*تقليص الإجهاد المائي
* تحسين الأمن الغذائي
* تخفيف تدهور الأراضي والتصحّر
فرص خضراء جديدة
• خلق فرص اقتصادية واجتماعية جديدة بناء على أنشطة خضراء جديدة
– تحسين التدفّقات التجارية مع التركيز على السلع والخدمات البيئية.
– إنتاج وتوزيع الطاقة المتجددة.
– دعم الإبداع والبحث والتطوير ونقل التكنولوجيا.
– تشجيع ريادة الأعمال.
-التعليم وإعادة التدريب.
•الفوائد المتوقعة:
– تعزيز الأنشطة المنخفضة الكربون.
– مجالات جديدة للنمو الاقتصادي.
– فرص عمل جديدة.
– مصادر جديدة للدخل.
– وظائف للشباب في قطاعات جديدة.[22]
وخلاصة القول إن: إن سياسة البيئة والصحة والسلامة أساس التزام تجاه المجتمع المدني حيث يجب العمل على تحسين الأداء البيئي في كل المجالات ولتحقيق هذا الهدف يجب الالتزام بالتقيد بجميع معايير البيئة والصحة والسلامة والتي على رأسها:
-التزام الشركات الإنتاجية بالقيم الأساسية تجاه البيئة والصحة والسلامة وتغليبها على حساب الإنتاجية والربح.
- الحفاظ على الموارد الطبيعية للوقاية من التلوث وتحسين عمليات التصنيع مراعاة للبيئة.
-عدم الإضرار بالمواطنين من خلال تنفيذ قوانين إدارة البيئة والصحة والسلامة.
-تحديد أهداف وغايات تحسين الأداء البيئي.
- الإبلاغ عن حوادث البيئة والصحة والسلامة والأعمال الغير سليمة والغير آمنة واتخاذ إجراءات تصحيحية لمنع تكرارها.
-تعزيز وتنمية برامج التوعية بثقافة ومفاهيم البيئة والصحة والسلامة.
- تطوير ثقافة السلوك الآمن وتحسين كفاءة الفرد عن طريق إجراء التداريب المناسبة لجميع الفئات العمرية للوقاية من تلوث البيئة.
- العمل على التقيد بالأنظمة القانونية التي تنظم حماية البيئة.