النص ومفهومه في المدرسة البنيوية
إن الحديث عن النص في مفهومه الشامل عند البنيويين عامة، باعتباره حديثاً مهماً وأساسياً لإمكانية قربه من العلاقات التضمينية التي تربط تحليل البنيات اللفظية بالدراسة والتحول المتوقع في البنيات الاجتماعية التي تمثل أنسقة واضحة للعلامات.
ولقد تطورت نظرية الأدب عندهم، وخاصة عند رولان بارت، من خلال ارتباطها الوثيق بالرواية الجديدة وبخاصة مع روب غرييه Robbe Grillet.
إن البنيوية استطاعت أن تدرس نصوصاً واسعة إلى حد ما، ومركبة من عدد كبير من الجمل، وذلك باعتبارها أقوالاً خاضعة لتحليل قادر على التمييز فيها بين العناصر المتغيرة والوظائف الثابتة والبحث عن أنساق محورية وعلاقات سياقية هي بمثابة اطرادات طبيعية للوظائف في استمرارية النص، وعلاقات استبدالية تمثل ارتباطات ضمنية متماثلة ومتعارضة من نص إلى آخر.
ومن هنا، سنحاول في هذا البحث المتواضع أن نتطرق بشيء من التفصيل لمفهوم النص في المدرسة البنيوية من خلال آراء وتعريفات بعض الباحثين البنيويين الذين ساهموا بالكثير من الجهد الفكري والنقدي في تحليل النص الأدبي، كما سنقدم لمحة خاصة عن ماهية النص في المدرسة السيميائية الغربية التي أسست لمفهوم النص ضمن رؤية شاسعة ومساحة فسيحة في فضاء النص.
لقد تركت كتابات البنيويين الشكليين تأثيراً قوياً أدى إلى إنشاء تيار مماثل في فرنسا تمثل في الشكلانية الفرنسية حيث بذل جهداً مهماً في دراسته للنص وعرَّف من خلاله البنيوية على أنها علم الأدب، فحسب هؤلاء تبقى الفعالية النقدية التي لا يمكن أن تعبر عن خطاب مستنبط في خطاب مخالف، هي إضافة شيء معين بالضرورة إلى النص باعتبار الناقد يقول شيئاً لا يقوله له الأثر المدروس ولدوافع تدفع لقول الشيء ذاته.
وبما أن الناقد ينشئ كتاباً جديداً، فإنه يكتشف فيه النص المدروس، ثم يسعى الأدباء بعد ذلك إلى إقامة علم لغة خاص بالخطاب. لقد عملوا على تأسيس علم الأدب الذي يمكنه الاكتفاء بذاته دون اللجوء إلى تحليل النص الأدبي تحليلاً داخلياً، وقد حدد تودوروف مبادئ البنيوية على ما يلي:
- النص الأدبي هو الموضوع الجوهري للنقد.
- النص نتاج لغوي قبل كل شيء ولا ينبغي دراسته إلا من خلال هذا الأمر.
- النص وحدة مغلقة ينبغي دراستها من الداخل وتحديد معطياتها الخاصة والبحث عن قوانينها المؤسسة لها.
- دراسة النص بوصفه شبكة معقدة من العلاقات ذات الدلالة القائمة بينها.
ويبقى في نظرنا أن الحديث عن النص في التصور البنيوي يستدعي الحديث عن بعض الباحثين الذين اهتموا بهذا المفهوم وحاولوا جاهدين تأسيس رؤية محددة له، فرولان بارت مثلاً قد تحدث عن النص المثالي، وعم مفهوم الشذرات وبيَّن أن النص هو شبكة متعددة، ونسق بلا مركز أو نهاية، وأن القارئ الذي صار منتجاً جديداً للنص، لم يبق مستهلكاً له فحسب... في حين تحدث جاك دريدا عن الشبكة والروابط والنسيج وانفتاح النص... وغيرهما من الباحثين في هذا المجال.