بيتُ القراء و المدونين
  •  منذ 5 سنة
  •  4
  •  0

أثر الإعلام الإسلامي في التنشئة الدينية ودوره في توجيه أفراد المجتمع

إن الناظر إلى أحوال العصر وما فيه من تطورات، يجد أن أبرزها وسائل الإعلام بمختلف أشكالها، من الصحف والجرائد إلى المذياع مرورا بالتلفاز والفضائيات والأقمار الصناعية، وانتهاء بالإعلام الالكتروني وصفحات الإنترنت، وقد تحول العالم إلى قرية كونية صغيرة خلال القرن الحادي والعشرين، نتيجة لتطور هذه الوسائل وتنوعها، وظهور آلات تكنولوجية رقمية حديثة تعدت الصحف الورقية والمحطات التلفزيونية إلى أنماط أخرى كالشبكة العنكبوتية والبريد الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي من فيسبوك وتويتر وواتس أب... وغيرها من الوسائل التي ألقت بتأثيرها على مختلف شرائح المجتمع الإسلامي.

فما هو الإعلام الإسلامي؟ وما هي حدوده وأهدافه؟ وكيف يؤثر على توجيه الرأي العام داخل المجتمعات المسلمة؟

هذه الأسئلة وغيرها سأحاول الإجابة عليها من خلال ورقتي البحثية الموسومة ب: أثر الإعلام الإسلامي في التنشئة الدينية ودوره في توجيه أفراد المجتمع.

المبحث الأول: مفهوم الإعلام الإسلامي لغة واصطلاحا و إشكالية التأثير في بحوث وسائل الإعلام

المطلب الأول: الإعلام لغة

الإعلام: مصدر الفعل الرباعي أعلم؛ يقال أعلم يعلم إعلاما، وأعلمته بالأمر أبلغته إياه وأطلعته عليه، وجاء في لغة العرب (استعلم لي خبر فلان وأعلمنيه حتى أعلمه، واستعلمني الخبر فأعلمته إياه).[1]

المطلب الثاني: الإعلام الإسلامي اصطلاحا

لقد حاول مجموعة من الباحثين وضع تعريف للإعلام الإسلامي، فتعددت التعريفات بتعدد الرؤى الفكرية، وأذكر منها:

- أنه جهد فني علمي مدروس مخطط ومستمر صادق من قبل قائم بالاتصال (هيئة كانت أم جماعة أم فردا) لديه خلفية واسعة ومتعمقة في موضوع الرسالة التي يتناولها، ويستهدف الاتصال بالجمهور العام وهيئاته النوعية وأفراده بكافة إمكانيات وسائل الإعلام والاقتناع، وذلك بغرض تكوين رأي عام صائب يعي الحقائق الدينية ويدركها ويتأثر بها في معتقداته وعباداته ومعاملاته.

-أنه تزويد الجماهير بصفة عامة بحقائق الدين الإسلامي المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

- أنه استعمال وسائل الإعلام وأساليبه كافة ضمن حدود الشرع لبيان الحق ودعوة الناس وتعرية الباطل وصدهم عنه لئلا يكون للناس في البعد عن الدين حجة.

-أنه عملية الاتصال التي تشمل جميع أنشطة الإعلام في المجتمع الإسلامي وتؤدي جميع وظائفه المثلى: الإخبارية والإرشادية والترويحية على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، وتلتزم بالإسلام في كل أهدافها ووسائلها وما يصدر عنها من مواد إعلامية، وتعتمد على الإعلاميين الملتزمين بالإسلام قولا وعملا، وتستخدم جميع وسائل وأجهزة الإعلام المتخصصة والعامة.

-أنه فن إيصال الحق للناس قصد اعتناقه والتزامه، وفن كشف الباطل ودحضه قصد اجتنابه، فهو بناء وتحصين.

-أنه استخدام منه إسلامي بأسلوب يقوم به مسلمون عالمون عاملون بدينهم، متفهمون لطبيعة الإعلام ووسائله الحديثة وجماهيره المتباينة، مستخدمين تلك الوسائل المتطورة لنشر الأفكار المختصرة والأخبار الحديثة والقيم الأخلاقية والمبادئ والمثل للمسلمين وغير المسلمين في كل زمان ومكان، وفي إطار الموضوعية التامة، بهدف التوجيه والتوعية والإرشاد ولإحداث التأثير المطلوب والتعرف على مدى التأثير أولا بأول.

هذه نبذة من محاولات تعريف الإعلام الإسلامي، رغم أن البعض يرى صعوبة الوصول لتعريف جامع مانع للإعلام الإسلامي، كونه من العلوم الإنسانية الواسعة المساحة.[2]

المطلب الثالث: إشكالية التأثير في بحوث وسائل الإعلام

يعد الإعلام من أخطر الروافد وأعظمها، كيف لا وهو قد فعل الأفاعيل في أخلاق كثير من الناس وتفكيرهم، وعاداتهم وسلوكهم وهو أعظم وسائل الاتصال والتأثير في المتلقي في هذا العصر؛ فوسائل الإعلام الحديثة متعددة فيها الصحافة والإذاعة والتلفاز تسهم في إثراء ونشر الشريعة الإسلامية، لذا كان الإعلام بوسائله المتعددة من أخطر الروافد الثقافية المؤثرة في التربية والتوجيه في هذا العصر في العالم أجمع.[3]

وقد أضحت وسائل الإعلام تحتل مرتبة هامة وتخترق جميع مجالات الحياة اليومية بمختلف أنواعها تقريبا، وتستحوذ على جزء كبير من أوقات فراغ الناس، ولو أن الأمر يختلف من مجتمع إلى آخر والتباين فيما بين الأفراد وارد، لكن على العموم يقضي الناس عددا معتبرا من الساعات أسبوعيا في مشاهدة التلفزيون، ومنهم من يجد الوقت لاستعمال وسائل إعلامية أخرى مثل: الإذاعة والصحافة المكتوبة والسينما والمسرح والكتاب والإنترنت.

- وبسبب هذا التواجد الكلي لوسائل الإعلام، وقدرتها على نشر محتويات ثرية ومتنوعة، أصبح الكثير من الناس منشغلين بوسائل الإعلام وبالتأثيرات التي يمكن أن تحدثها على عقول الأفراد ووجدانهم وسلوكياتهم، وبصفة خاصة على الشرائح الأقل سنا، وعليه فإن قوة وسائل الإعلام وتأثيرها المفترضين -وعلى امتداد السبعين سنة الماضية- أديا إلى القيام بدراسات، يصعب عدها في مجالات القيم الدينية والأخلاقية والفكرية وقضايا الهوية في البلدان العربية الانتقالية وما يميز هذه الدراسات هو ضمها لإدعاءات وإدعاءات مضادة حول تأثير وسائل الإعلام الإيجابي والسلبي على حد سواء -ولكن التأثير السلبي في معظمها.[4]

المبحث الثاني: حدود الإعلام الإسلامي وأهدافه وضرورة التشبت بمبادئ الإسلام ومحاربة الغلو

المطلب الأول: حدود الإعلام الإسلامي

يتحدد إطار الإعلام الإسلامي على ضوء مفهوم كلمة الدعوة، والدعوة من الألفاظ المشتركة التي تطلق اسما ويراد بها الدين، أي حقائق الإسلام وأركانه وتكاليفه، قال تعالى: ''له دعوة الحق'' أي دعوة التوحيد، كما أنها تطلق مصدرا ويراد بها النشر والنداء والتبليغ.

وعلى ضوء المفهوم الأول لكلمة الدعوة تتحدد حدود الإعلام الإسلامي في إطار شمولي يشمل كافة مناحي الحياة في المجتمع الإسلامي، فيما يسمى بالإطار العام للإعلام الإسلامي.

أما المفهوم الثاني لكلمة الدعوة، فيحدد إطار الإعلام الإسلامي بالعمل على تكوين رأي عام صائب يعي الحقائق الدينية ويدركها ويتأثر بها في معتقداته وعباداته ومعاملاته، وهذا مما يسمى بالإطار الخاص للإعلام الإسلامي أو الإطار الديني، وفيما يلي شرح مدلول هذين الإطارين:

- أولا: الإطار العام للإعلام الإسلامي

نستطيع أن نحدد الإطار العام للإعلام الإسلامي على ضوء شمولية الفكر الإسلامي وواقعيته؛ فالإسلام كما أنزله الله استهدف تصحيح مسارات المجتمعات البشرية وتقنين قيمها وأخلاقها وتشريع قوانينها ودساتيرها، ولهذا فقد وضع الله أسس هذا الدين ومعالمه ومفاهيمه من خلال محك رئيسي: هو مدى قدرة هذا الدين على التطبيق في النظم الاجتماعية، والسياسية والقانونية، والاقتصادية ولهذا فهو يجمع في إطار متسق جميع مشتملاته من عقيدة وعبادات ومعاملات وتشريعات وتوجيهات للأخلاق وللآداب العامة، وهذا الكل المتكامل، يتكامل بتناسقه وارتباطه المنطقي الفكري، وإعطائه الأهمية المتوازنة لكل من العبادات والتشريعات الاجتماعية والاقتصادية والبشرية، ويتكامل ثانيا بربط الإنسان بالمجتمع وثالثا بإيجاد تلك الصلات القوية بين العبادة والسلوك، وبين العقيدة والعمل وبين الدنيا والآخرة.

وإذا كان الإعلام يعني تزويد الجماهير بالأخبار الصحيحة والمعلومات والحقائق الثابتة والسليمة والتي تساعدهم على تكوين رأي صائب في واقعة من الوقائع أو مشكلة من المشكلات، بحيث يعتبر هذا الرأي تعبيرا موضوعيا عن عقلية الجماهير واتجاهاتهم وميولهم؛ فإن الإعلام الإسلامي على ضوء هذا الإطار العام هو الإعلام الذي يعكس الروح والمبادئ والقيم الإسلامية، ويمارس في مجتمع إسلامي ويتناول كافة المعلومات والحقائق والأخبار المتعلقة بكافة نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والدينية والأخلاقية، ومن خلال تفاعل النظام الإعلامي مع نظم أخرى تدعم القيم الإسلامية داخل المجتمع، فيرقى الإعلام إلى مستوى مواكبة القيم وإبرازها لأداء دورها الحضاري.

- ثانيا: الإطار الخاص للإعلام الإسلامي ويعني هذا الإطار أن الإعلام الإسلامي إنما هو إعلام موجه لهدف نشر كلمة الدين وإعلائه، ومعالجة القضايا الدينية، والعمل على إعداد رأي عام إسلامي يعي الحقائق الدينية، ويدركها، ويتأثر بها في جميع تصرفاته.[5]

المطلب الثاني: أهداف الإعلام الإسلامي

الإعلام الإسلامي له أهداف سامية نذر أهله أنفسهم لتحقيقها وجندوا طاقتهم لخدمتها، ومن البديهيات أن أي جهد موجه ينبغي أن ينصرف لتحقيق أهداف والوصول إلى غايات وإلا كان عبثا، فما هي أهداف الإعلام الإسلامي؟

في الحقيقة إن الإعلام هو واحد في مواضيعه ووسائله، والفرق إنما يكمن في القواعد والنوايا والمرجعية التي تحكم العملية الإعلامية، فهذه الأمور بمثابة البوصلة التي تحدد سلفا معالم الطريق الذي على الإعلامي أن يسلكه حتى يتخذ الصفة الخاصة به، فالإنترنت يصد عليه وصف الإعلام بالنسبة للإعلام الرسمي؛ فالإعلامي المأجور يستخدم تقنية الشبكة العنكبوتية لتمجيد الطاغوت وإفساد الأخلاق، والإعلامي المسلم يستخدم نفس التقنية والخطوات لتحذير الناس من الطواغيت ودعوتهم لمكارم الأخلاق.[6]

وحتى تتم الاستفادة من وسائل الإعلام في تطوير الأهداف العامة لتنشئة المواطن الصالح فإنه لا بد لهذه المؤسسات الإعلامية من مراعاة الآتي:

- أن تستخدم الحكمة في مخاطبة الناس فتأتيهم من خلال الجوانب التي تمس اهتماماتهم وتكون بالكلمة الطيبة التي تصل إلى القلوب والعقول.

- أن تقدم بأسلوب عصري يعتمد على العقل والمنطق وبكافة الأساليب الممكنة من خلال الرؤية الإسلامية لتقديم القيم الإسلامية.

- أن تحارب القيم والاتجاهات الهابطة التي تقدمها بعض وسائل الإعلام المغرضة للإسلام بالسوء بهدف التشكيك في القيم الإسلامية من خلال الحجة والبرهان وحسن البيان والتزام الأدب في القول.

- أن توجد الكوادر الإسلامية وتستثمر طاقتها في العمل الإعلامي الذي يقدم القيم الإسلامية الصحيحة.

- أن تعمل على توفير القدوة الحسنة إعلاميا والملتزمة بالقيم الإسلامية والصادقة مع نفسها وربها.

- أن يكون هناك اهتمام ببرامج الأطفال بوجه خاص بحيث تقدم لهم القيم الإسلامية بصورة مبسطة تعتمد على المواقف الحياتية والإسلامية وخصائصها بأسلوب سهل ميسر يعزز القيم الإسلامية، ويعمل على المحافظة عليها بالقول والسلوك.

هذه بعض التطبيقات التي يجب أن تعمل على تحقيقها وسائل الإعلام مع مراعاتها لعدم التناقض بين المواد المطروحة الثقافة السائدة في المجتمعات الإسلامية لئلا يثير هذا التناقض الصراع بين الإفراد والجماعات مختلفة الديانات والثقافات والحضارات واللغات...[7]

المطلب الثالث: ضرورة التشبت بمبادئ الإسلام ومحاربة الغلو

لقد ألغت القنوات الفضائية الحدود ووصلت إلى أنحاء الكرة الأرضية، كلها بلا حواجز، وهي سلاح فعال لا ينكر أثره، فعلى المسؤولين استنفار أجهزة الإعلام بالدول العربية والإسلامية كافة وتوحيد الخطة العامة وجعل الهدف: صد تيار الغلو وذلك من منطلق الانتماء إلى الثقافة الإسلامية وحضارتها، ولأن قيم الحضارة الإسلامية ومثلها العليا تجعلها فعالة لا منفعلة، فهذا يستوجب عناية الإعلام بالتركيز على إشعاعات نقاط التمايز من حيث تصورنا للحياة وإضفاء المعنى لها.[8]

وهذا يتأتى بعدم مجاملة الرأي العام الغربي، أو الشرقي الرافض للدين، باسم التحرر والعصرية والتقدم، كثيرا ما جر أهل العلم، خصوصا تحت تأثير أضواء الإعلام أو المنصب أو الوظيفة، جرهم إلى تنازلات إرضاء للمنصب أو الإعلام الذي يقوده في الغالب اللادينيون، وذلك بإصدار آراء وفتاوى غريبة في قضايا العصر، تصدر هذه الآراء للجمهور عن طريق الإعلام المباشر، المرئي أو المسموع، باسم التيسير ورفع الحرج.

ولو عرضت تلك الفتاوى على أصحابها بعيدا عن الإعلام والرأي العام أو تأثير السلطة أو المنصب، لرأوا فيها رأيا آخر، حيث إن السامع حين يقلبها، يجد فيها شيئا بارزا واضحا لا يخفي نفسه، هو أنها فتوى مجاملة لإرضاء غير الملتزمين بالإسلام.

الذي هو في نظرهم متهم بالجمود في طرحه لقضايا العصر، مع أنه لن ترضي مثل هذه التنازلات في الفتاوى تلك الفئات؛ لأنهم على منهج أسلافهم من اليهود والنصارى الذين أخبر عنهم القرآن (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم)[9]

كما يتأتى بمراجعة الاستفتاءات المباشرة على الهواء، التي تبثها القنوات المرئية أو الإذاعات المسموعة، والتي لا يجب على العالم أن يجيب عنها جميعا في التو والحين، بل يجب أن يكون لديه من الثقة في نفسه، والحيطة لدينه ما يجعله لا يتردد في عدم الجواب إذا دعت لذلك حاجة، كأن تكون المسألة من المتشابه في نصوص القرآن والسنة التي يتتبعها ويتعلق بها أهل الزيغ ليقيموا الحجة على الإسلام في زعمهم، أو أن تكون المسألة من القضايا الشائكة التي لا يمكن حسمها من قبل عالم بمفرده في مقابلة على الهواء، لما تحتاج إليه من تقليب النظر الجماعي.[10]

المبحث الثالث: تميز الإعلام ودور وسائله في نشر الثقافة الإسلامية والتوجيه والإرشاد الديني

المطلب الأول: تميز الإعلام عن باقي الوسائط

لعل المتأمل في أي مجتمع يلمس أن للإعلام تأثيرا في نفوس الناشئة، سبب ذلك التأثير تميز الإعلام عن بقية الوسائط مما يأتي:

- تنوع الإعلام ما بين مسموع ومقروء ومرئي، فالإذاعة مثلا تعتمد على الكلمة المسموعة، والصحافة تعتمد على الكلمة المطبوعة بينما يعتمد التلفاز على الصوت والصورة معا، ولا شك أن تنوع وسائل الإعلام، وإشراك معظم أدوات التعلم عند الإنسان في التلقي توسع مساحة الفئة المستهدفة من فئات المجتمع، فيجد الطفل والشاب والكبير والأم والأب مرادهم وبغيتهم من بين هذه الوسائل باختيار ما يتناسب معهم.

- تركيز وسائل الإعلام من خلال الإخراج على التأثير في عقل وعواطف المشاهد معا، ومخاطبتها لحواسه بوسائل جذب لا تتوفر في غيرها من والوسائط.

- تميز وسائل الإعلام عن باقي الوسائط بنقل عادات وتقاليد ليست في مجال التفاعلات البيئية بعرض حضارات دول أخرى وخبرات مجتمعات مختلفة، لولا الإعلام لما تحقق للمتابع أن يستطلع حضارة تلك الدول أو ثقافة تلك المجتمعات، وبذلك ينجذب الفرد إلى الإعلام، فيتعرف على ثقافات فرعية للمجتمعات الأخرى.

- يمتاز الإعلام بتنوعه في طرح الموضوعات، ومخاطبته لجميع شرائح المجتمع، وتنويع القضايا، فلا يركز على مجال واحد ويهمل الآخر، بل يتناول القضايا الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية، مما يجعل له تأثيرا كبيرا على تكوين الرأي العام وتوجيهه.

- ولعل مما يميز الإعلام عن بقية الوسائط السرعة المذهلة التي يتلقى بها الخبر، والسرعة أيضا التي يبث وينشر بها ذلك الخبر فيجد المتابع لهذه الوسيلة التربوية المتعة في طي الحدود الجغرافية، والوصول إلى أبعد نقطة عنه في زمن قياسي.

- أضف إلى هذا كله سهولة تناول المتابع لوسائل الإعلام بشتى أنواعها والحصول عليها متى شاء وعلى أي كيفية شاء ذلك.[11]

المطلب الثاني: دور وسائل الإعلام في نشر الثقافة الإسلامية

تعتبر وسائل الإعلام من أهم وسائط التربية غير النظامية في المجتمع؛ لأنها من أكثر الوسائل انتشارا لتعدد مصادرها، وقدرتها على التأثير في وجدان ووعي المواطنين؛ لما لها من جاذبية وإثارة لهم، وتتميز بأنها تعكس جوانب الثقافة العامة في المجتمع، وتشبع الحاجات النفسية مثل الحاجة إلى المعلومات والتسلية والترفيه والأخبار، ودعم الاتجاهات النفسية وتعزيز القيم والمعتقدات، كما تسهم في تشكيل اتجاهات المواطنين من خلال تشجيعهم على ممارسة حرية التعبير عن الرأي، وتنمية وعيهم بالقضايا المجتمعية المختلفة، وتحقيق الأمن والانتماء والحب للوطن.

وتقوم، بالإسهام في التنشئة الاجتماعية، وذلك من خلال تعليم الفرد أنماط التفاعل والسلوك الاجتماعي السليم، وتزويد الأفراد وخاصة الشباب بالقيم والمعايير والعمليات الاجتماعية السائدة في المجتمع، والتي تعمل على تحصين وحماية الشباب من الداخل ضد الانحراف بأنواعه المتعددة فهي تحصن أمنهم الثقافي.

كما تسهم في غرس العقيدة الدينية وتنمية الوعي الديني لديهم، كما تعمل على تطوير الخطاب الديني، وإبراز الجانب الإيماني والعبادات، وإظهار جوانب الوسطية الإسلامية القائمة على الخير والرحمة والمساواة بين البشر، ودعوة الشباب إلى فهم الدين وتنمية وعيهم بالمعلومات الدينية وخاصة في نبذ العنف والتطرف الديني، وإكسابهم معايير المواطنة الصالحة في المجتمع، وذلك من خلال مشاركتهم بدور واقعي في صنع القرارات التي تدعم فكرة المواطنة الصالحة، وسمات المواطن الصالح في ظل التغيرات العالمية المعاصرة.

وتنطلق الرؤية الإستراتيجية للإعلام الأمني من خلال بناء منظومة إعلامية إستراتيجية موحدة لتنمية الوعي العام في أوساط المجتمع الإسلامي والتصدي لما تطرحه وسائل الإعلام المغرضة وطرح ما يهم الشباب من قضايا فكرية ملحة.

والعمل الاحترافي الأمني بإيجاد المعلومة السريعة وتقديمها للمشاهد والمجتمع القارئ بشكل بعيد عن المبالغة أو التهويل، وإعداد برامج أمنية احترافية يشرف عليها متخصصون لتوعية المجتمع أمنيا.

وتوضيح المكتسبات الأمنية التي يعيشها المجتمع الإسلامي وإعداد المواد الإعلامية التي تكفل غرس القيم الدينية والوطنية وتحذر من التطرف والإرهاب وتركز على الثوابت الأخلاقية والاجتماعية والعادات والقيم الأصلية.

وبناء على ما سبق فإنه يمكن للمؤسسات الإعلامية الإسهام في التكامل مع الأجهزة الأمنية من خلال الجوانب التالية:

- إعداد منظومة إعلامية إستراتيجية موحدة لتنمية الوعي الأمني لدى جميع أفراد المجتمع ومؤسساته.

- تطوير الخطاب الديني، وغرس العقيدة الإسلامية الصحيحة، ونشر ثقافة الاعتدال والوسطية.

- التصدي لما تطرحه وسائل الإعلام المغرضة بإنتاج مواد إعلامية تفند إدعاءات أعداء الإسلام.

- توفير المواد الإعلامية الملائمة لتوجهات وتطلعات المجتمع الإسلامي، وخاصة فئة الشباب والمراهقين الذين يعدون من أكثر الفئات تأثرا بالوسائل الإعلامية.

- مراقبة ما يتم بثه من مواد إعلامية موجهة فكريا وعقديا وأخلاقيا، والعمل على إيجاد بدائل مناسبة تتوافق مع الحاجات النفسية والاجتماعية لجميع أفراد المجتمع.[12]

المطلب الثالث: الدور الذي يمكن أن تلعبه وسائل الإعلام في مجال التوجيه والإرشاد الديني.

- يجب أن تقام البرامج الإعلامية في مجال التوجيه والإرشاد الديني على أساس تخطيط علمي مدروس، وبحوث دقيقة تتناول المراحل التي يجب أن يكون عليها توجيه الشباب وإرشادهم في هذه المرحلة العصرية الدقيقة، وينبغي أن يكون ذلك التخطيط متكاملا مع التخطيط الكوني الشامل في المجالات الاقتصادية والسياسية والتربوية والاجتماعية، ويقتضي ذلك بطبيعة الحال دراسة جادة لآراء الشباب وأفكارهم واتجاهاتهم.

-إن التلفزيون يعتبر أقدر وسيلة عرفها الإنسان في مجال الإعلام فهو يجمع بين الصورة والصوت، ويستطيع بذلك أن يسيطر على حاستين من أهم حواس الإنسان وأشدها اتصالا بما يجري في نفسه من أفكار ومشاعر وهو إذا عرض –بحق- المشكلات الاجتماعية التي تمس الشباب، فإنه يثير الوعي والإحساس بهذه المشكلات، ويوجد دافعا وحماسا ورغبة للمساهمة في حلها من جانب العلماء في علوم الدين وعلم الاجتماع وعلم النفس.

-العمل على تطوير البرامج الإذاعية الموجهة للشباب وحيث أنها تنقل إلى السامع عالما من التفاهم غير المنظور، فتوفر له بذلك خبرة خصوصية، تمس أغوار نفسه بحيث يشعر السامع بأن الحديث موجه إليه هو، ويتميز الإعلام الإذاعي بأن تأثيره يزداد عمقا وخطورة لدى الشباب الذي لم ينل حظه من التعليم والثقافة ومن الثابت أنه لا يمكن للشباب أن يقوموا بدورهم وينهضوا بمسؤولياتهم ويؤدوا رسالتهم إلا بعد أن تكتمل شخصيتهم العلمية والدعوية.

- ينبغي إحاطة الشباب من خلال وسائل الإعلام المختلفة بالأخطار المحدقة التي تكتنف بلاد الإسلام والمسلمين كافة، فإن المخططات التي تتخذ في أوكار الصهيونية والشيوعية، والتبشير أكثر من أن تحصى، وكلها تستهدف إفساد المجتمعات الإسلامية عن طريق الخمر والجنس، وإطلاق عنان الغرائز والشهوات، فالمبدأ عندهم فصل روابط الدين، ومحو الدين وهما لا يتمان بهدم المساجد لأن الدين يكمن في الضمير، ولذلك اتجهت سهامهم إلى هدم الدين في ضمير شباب الأمة.[13]

المبحث الرابع: دور وسائل الإعلام في توجيه أفراد المجتمع و أثرها في نشر الأخلاق وضبط المعاملات وفلسفة الإعلام الإسلامي

الأول: دور وسائل الإعلام في توجيه أفراد المجتمع

- تؤدي وسائل الإعلام دورا لا يستهان به في تكوين الاتجاهات والأفكار والتطرف فهي تؤثر بما تقدمه من برامج وأفلام وأخبار عن الأشخاص والأحداث، وتتبع أهمية المؤسسات الإعلامية من أنها أصبحت الصوت المسموع لدى جميع أفراد المجتمع والأثر الذي تتركه المؤسسات الإعلامية لا يقتصر فقط على ما تبثه خلال ساعات اليوم والليل، بل يتعدى ذلك إلى ممارسة دور الموجه حيث تحاول كل جهة غرس قيمها ومفاهيمها وأفكارها ونظرياتها في عقول المتلقين وصولا إلى أهداف مبرمجة سلفا، وليس غريبا أن يكون من بين تلك الأهداف الإضرار ببعض الأنظمة والدول عبر برامج سافرة أو مستترة تسعى إلى تقويض الأمن والأمان والاستقرار الاجتماعي بها.

- وتبرز مساهمة وسائل الإعلام في تكوين الانحرافات الفكرية عند الأفراد والجماعات فيما يظهر في التغطيات الإعلامية لبعض الحوادث الإرهابية التي تقوم بها بعض الجماعات المتطرفة، حيث تقارن وسائل الإعلام بمبالغة مفرطة بين أفراد تلك الجماعات وبقية أفراد المجتمع، وتصوير الدولة والمجتمع في صورة ملائكية وإنكار أخطاء أفراد المجتمع وتعظيم أخطاء أفراد الجماعات المعتدية، مما يحدث فكرا منحرفا مضادا وفجوة هائلة بين الواقع. والمثال يستغله أصحاب الفكر المنحرف من متطرفين وغيرهم، في برامجهم القائمة في الأساس على المقارنة بين مثال خيالي وبين الواقع الموجود وهي مقارنة تثير الإحباط واليأس والاستفزاز عند بعض الأفراد.

- ومن جانب آخر فإن هناك ترويجا إعلاميا لما يقوم به الإرهابيون ونشرا لأفكارهم مثل بث البيانات والخطابات لبعض المتطرفين في بعض المحطات العربية المتعاطفة مما قد يؤجج جماح بعض الناشئين وإغراء المهووسين بالشهرة والحاقدين على الأوضاع الاجتماعية أو السياسية وتقوية درجة الانبهار بأعمال الإرهابيين لدرجة تقليدهم وإتباع خطواتهم خاصة أولئك الذين لديهم استعداد بدني ونفسي أو عقائدي لمحاكاة عتاة الإرهابيين المروجين لنظريات أو أيديولوجيات ومطالب محددة.

- وتنمي بعض وسائل الإعلام مشاعر الكراهية والعدوانية التي تولد بدورها أفكارا تبرز العنف وتكفر الآخر وتحرض على الانتقام، وذلك عندما تستفز بعض تلك الوسائل المشاعر الدينية للأمة بتجاوز الثوابت العقدية والاستهانة بالأحكام الفقهية الراسخة أو تزييف وتحريف النصوص الشرعية لغايات معينة وكذلك استهداف الأشخاص باتهام النوايا والتهكم والسخرية.

- ومن جانب آخر، ساعدت شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت) كوسيلة إعلامية عالمية في نشر الأفكار والإيديولوجيات المتطرف والمنحرفة، من خلال بروز فقه جديد عبر الشبكة وهو ما يسمى فقه الإنترنت بما يحتويه من فتاوى فردية مشحونة بالانفعال والكراهية والتحريض على العنف، ولقد أدركت الجماعات المتطرفة أهمية وجودها على شبكة الإنترنيت العالمية فطورت من مستوى هذا الوجود كما وكيفا حيث الاتصال السريع دون عقبات أو حدود سياسية أو جغرافية إضافة إلى خلوه من السيطرة الحكومية، تهيئ بيئة مثالية لتنفيذ المخططات المشبوهة.

- فبدأت جماعات التطرف والانحراف وبشكل خاص في الدين نشر فتاواها التكفيرية وإصدار التعليمات والأوامر لتنفيذ الخطط والتفجيرات عبر هذه الوسائل الإعلامية التي تدخل في كل بيت، فمن خلال هذه الشبكة يمكن لهذه الجماعات أن تجند شابا وهو في منزله وبين ظهراني أهله الذين لا يعلمون عنه شيئا، أنه يقضي الساعات أمام جهاز الكمبيوتر.

- ولكن هذا الشاب في الواقع يتعلم كيف يصنع قنبلة وكيف يقتل إضافة إلى تدريبه على استعمال مختلف الأسلحة التقليدية والبيولوجية.

كما يهتم أصحاب هذه المواقع على الانترنيت بمخاطبة الشباب من الجنسين بأسلوب ترغيبي مثير للعواطف الدينية، فهناك قسم خاص بالمرأة المجاهدة، وهناك قسم خاص بخطب وفتاوى تتحدث على قتال الكفار وكل من يواليهم من المسلمين، ومعرض للصور والفيديوهات التي تعرض لقطات الاقتحام وتفجير المواقع في بعض الدول ينفذها أفراد التنظيمات الإرهابية المنحرفة وهكذا.[14]

المطلب الثاني: أثر وسائل الإعلام في نشر الأخلاق وضبط المعاملات

- لما كان لوسائل الإعلام عظيم الأثر في ترسيخ العقيدة في النفوس، بات واضحا أن لها أثرا في نشر الأخلاق وضبط المعاملات بين الناس، فمن كانت عقيدته سليمة، حسن تصرفه، واستقام سلوكه.

- وحين يكون الحديث عن الإعلام وأثره في نشر الأخلاق، لا يمكننا أن نتحدث عن ذلك بمنأى عن أخلاقيات الإعلام نفسها.

- فقد كثر الحديث حول الأخلاقيات التي ينبغي أن يلتزم بها الإعلام، وتعالت الأصوات المنادية بميثاق شرف إعلامي، يحكم العملية الإعلامية بمختلف وسائلها، المسموعة، والمقروءة والمرئية؛ بهدف تنظيم العمل الإعلامي، وحمايته من الغوغائية والتحريض، والحفاظ على مصداقيته.

- ومعلوم أن تطبيق الأخلاق الحميدة والفاضلة يؤدي إلى وجود العدل، والاستقرار والأمان في المجتمع، والعكس صحيح، إضافة إلى أن هذه الأخلاقيات إن التزم بها الإعلام، فهي خطوة أولى في سبيل التزام المجتمع كله بالأخلاق؛ نظرا للتأثير العميق لوسائل الإعلام، وحب الجمهور لتقليد بعض الإعلاميين، لاسيما البارزين منهم.

- وبغض النظر عن التزام وسائل الإعلام بالأخلاقيات وأثر ذلك في نشر الأخلاق، فإن عليها أن تقوم بنشر الأخلاق من خلال برامجها، وإخبارها، بل وحتى الرسوم المتحركة التي تعرضها للأطفال الصغار.

- فالإعلام مهما كان تخصصه، هو رسالة إنسانية، لابد له من أن يدعم الخير، والتعاون ويذكر بالضعيف، بل وبالإنسان عموما وماله من حقوق، والدعوة للعدل والمحبة، والبعد عن النزاع والظلم، وغير ذلك من الأخلاق لأن الإعلام رسالة ودعوة مفادها الأمر بالعدل والإحسان، بما يتفرع عنهما من مكارم الأخلاق المختلفة.[15]

المطلب الثالث: فلسفة وسائل الإعلام الإسلامي

تعد الغايات التي طرحتها الكوزومولوجيا الإسلامية المحدد الأساسي للدور الذي ينبغي أن تلعبه وسائل الإعلام في المجتمع المسلم.

ولما كانت الغاية الأساسية للكوزومولوجيا الإسلامية تتمثل في إقامة مجتمع الاستخلاف الذي تتحقق فيه العبودية المطلقة للخالق سبحانه وتعالى.

والذي يحقق لأفراده السعادة في الدنيا ويضمن لهم الخلود في نعيم الآخرة، ويسعى جاهدا لنشر الدين الحق وإعلاء كلمة الله في أرضه، فإن هذا يعني أن وسائل الإعلام في المجتمع المسلم مطالبة بالاضطلاع بعدة وظائف للإسهام في كل ذلك، ومنها ترسيخ عقيدة التوحيد في مجتمع الاستخلاف، ويتطلب اضطلاع وسائل الإعلام بهذا الدور القيام بمهنتين:

- مقاومة الأفكار والعادات والتقاليد المنافية لعقيدة التوحيد، سواء أكانت تلك الأفكار نتيجة لانفصام الواقع الاجتماعي عن المثال الإسلامي، أم كانت إفرازا لعقائد منافية للعقيدة الإسلامية ومعادية لها مثل تلك التي صنعها الاستعمار في المجتمعات الإسلامية مثل القاديانية والبابية والبهائية، أم كانت أفكارا جلبها المستعمر منه للقضاء على هوية البلدان الإسلامية وجعلها تدور في فلكه وهي الماثلة في الأفكار العلمانية التي يتبناها ويروج لها في شتى مناحي الحياة (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية).

- نشر وترسيخ تعاليم عقيدة التوحيد في النفوس: وذلك من خلال توعية المسلمين على مختلف أعمارهم وثقافاتهم بتعاليم دينهم طبقا لما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وما تعارف عليه العلماء وتنمية ثقافاتهم الدينية، والتوعية هنا بمثابة زرع تعاليم الدين الحنيف، والتنمية بمثابة تعهد الزرع بالري وتوفير الجو الصحي له للنماء والزيادة حتى يؤتى ثماره الفكرية والعملية.

ومن خلال ذلك يمكننا الإسهام في بناء الإنسان المؤهل لإقامة مجتمع الاستخلاف، الذي يجعل غايته العليا في هذا الوجود رضوان خالقه سبحانه وتعالى، ويسعى في كل حركة من حركاته وسكنة من سكناته لتحقيق هذه الغاية.

تدعيم الوظيفة العمرانية لمجتمع الاستخلاف

لا يقف الدور المنوط بوسائل الإعلام في إقامة مجتمع الاستخلاف عند حد توعية الفرد المسلم بأمور دينه وبرسالته في مجتمع الاستخلاف، وإنما يمتد إلى الإسهام في توعيته بالسبل المثلى للمشاركة الإيجابية في الوظيفة العمرانية لمجتمع الاستخلاف وذلك من خلال:

-النهوض بالمستوى الفكري والحضاري للأفراد، وترقية اهتماماتهم ومحو الأمية الفكرية والحرفية.

- خلق الجو الحضاري الملائم للتقدم والنهضة، ونشر العلوم والفنون السليمة الهادفة وتوعية الأفراد بكافة أهداف المجتمع وسبل الإسهام في تحقيقها.

- الدعوة إلى إعلاء الهمم والحث على فضيلة الجهاد والتعاون وتحقيق روح الإخاء والتكافل الاجتماعي وما إلى ذلك من السبل التي تساعد على تنمية الإنسان الصالح الأتقى الذي يقف على الأرض فيعمرها ويصلحها ويزيد إنتاجها.

- القيام بالتهيئة النفسية والاجتماعية للأفراد لتهيئة المناخ لإقامة النظام الإسلامي في التنمية، وتشجيع التطبيقات المبتكرة في مجالات الإنتاج والتوزيع والتمويل وأعمال المصارف والتنمية في ميادين الزراعة والصناعة والتجارة والتعليم والصحة وغيرها.

وبالإضافة إلى الدور المنوط بوسائل الإعلام للإسهام في بناء الإنسان المؤهل للقيام بالوظيفة العمرانية لمجتمع الاستخلاف، فإنها مطالبة أيضا بتدعيم مسيرة المجتمع المسلم بصفة عامة.من خلال تقوية الروابط بين

أقاليمه والتوحيد بين ثقافاته الفرعية المتباينة ومن خلال تكوين الرأي العام المؤمن الواعي الذي يقدر حقيقة وجوده ومسؤولياته في كل ما يدعى إليه من أعمال تستهدف الصالح العام ومن خلال تدعيم مكانته بين مجتمعات الدنيا والدفاع عنه ضد كل هجوم مغرض...

وما إلى ذلك من مهام يتطلبها تفعيل الوظيفة الدينية لمجتمع الاستخلاف مجتمع أمة الإسلام، خير أمة أخرجت للناس.

- كشف أي خلل أو قصور في مسيرة مجتمع الاستخلاف، وتعد هذه الوظيفة من أهم الوظائف الملقاة على عاتق وسائل الإعلام في المجتمع المسلم، حتى إن فلسفة الإعلام الإسلامي لا ترى في ممارسة هذه الوظيفة مجرد حق يمكن للقائمين على أمر هذه الوسيلة الاضطلاع به أو التخلي عنه، وإنما تنظر إليه على أنه واجب لابد من الاضطلاع به، سواء أكان هذا الخلل أو القصور متعلقا بأمر من أمور الدين أم أمر من أمور الدنيا، صادرا من قبل فرد ولو كان الحاكم ذاته، أم جماعة متمثلا في الامتناع عن الاضطلاع بمعروف مأمور به، أم اقتراف منكر منهي عنه.

وتبعا لذلك فإن المسلم مطالب بأن يكون رقيبا على دينه في مجتمعه، كما هو رقيب عليه في نفسه وقد زوده الإسلام بالأخلاق فأوجب عليه أن يفعل الخير ويدعو إليه وينهى عن المنكر ويسعى إلى تغييره.[16]

وهناك آيات كثيرة في كتاب الله تشير بشكل أو بآخر إلى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتمدح فاعليه ونذم تاركيه منها قوله سبحانه وتعالى:

- (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).[17]

- (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ۚ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ).[18]

- (يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ).[19]
- (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).[20]
- (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).[21]
كما أن هناك عددا كبيرا من الأحاديث التي تدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبشر فاعليه وتتوعد تاركيه ومنها: قوله صلى الله عاليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).[22]

وصفوة القول إن على الإعلام الإسلامي أن يخاطب العقل البشري، ويعمل على كشف الحقائق الكونية بمختلف عناوينها، لتزويد المرسل إليه بحقائق الدين الإسلامي المستمرة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بصورة مباشرة أو غير مباشرة من خلال وسيلة إعلامية متخصصة أو عامة عملا بمقتضى الدعوة إلى الإسلام وتطبيق مبادئه.

-------------------

لائحة المصادر والمراجع

[1]- لسان العرب للعلامة ابن منظور (ت711هـ) تنسيق وتعليق: علي شيري، دار إحياء التراث العربي بيروت، الطبعة الأولى (1988م)، جزء 9 ص371.

[2]- أهداف الإعلامي المسلم: الحلقة الثامنة من سلسلة (المنهجية في تحصيل الخبرة الإعلامية): ، ذو الحجة 1433هـ، نشر مركز اليقين، إنتاج مؤسسة الفرقان، ص31.

[3]- الواقع الثقافي الإسلامي في بلاد العراق في العصر الحاضر (دراسة تحليلية)، رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في الثقافة الإسلامية، إعداد الطالب خالد بن أحمد بن عبد الله الزهراني، إشراف علي سيد أحمد السيد الفرسيسي، المملكة العربية السعودية وزارة التعليم جامعة أم القرى كلية الدعوة وأصول الدين شعبة الثقافة الإسلامية (1426هـ/2015م)، ص131و132.

[4]- أثر وسائل الإعلام على القيم والسلوكيات لدى الشباب دراسة استطلاعية بمنطقة البليدة، أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه دولة في علوم الإعلام والاتصال، إعداد السعيد بومعيزة، إشراف: بلقاسم بن روان، جامعة الجزائر ،كلية العلوم السياسية والإعلام قسم علوم الإعلام والاتصال (2005-2006م)، ص35و36.

[5]- الإعلام الإسلامي: المبادئ- النظرية- التطبيق: محمد منير حجاب، دار الفجر للنشر والتوزيع الطبعة الأولى (2002م)، (القاهرة-مصر)، ص23و24و25.

[6]- أهداف الإعلامي المسلم: الحلقة الثامنة من سلسلة (المنهجية في تحصيل الخبرة الإعلامية)، ذو الحجة 1433هـ، نشر مركز اليقين، إنتاج مؤسسة الفرقان، ص29و30و31. [7]- دور منهج الحديث والثقافة الإسلامية في تعزيز القيم الخلقية لدى طلاب الصف الأول الثانوي بمحافظة الطائف: إعداد الطالب مسفر عبد الله سالم المالكي، إشراف الدكتور إبراهيم محمود فلاته: متطلب تكميلي لنيل درجة الماجستير في المناهج وطرق تدريس التربية الإسلامية، عام 1429هـ، المملكة العربية السعودية، جامعة أم القرى –مكة المكرمة، كلية التربية، قسم المناهج وطرق التدريس، ص110.

[8]- حضارة العصر الوجه الآخر: مصطفى حلمي، الطبعة الأولى (1431هـ/2001م)، دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع، ص93.

[9]- سورة البقرة، الآية 120.

[10]- الغلو في الدين، ظواهر من غلو التطرف وغلو التصوف: الدكتور الصادق عبد الرحمن الغرياني، مكتبة الإسكندرية، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، الطبعة الأولى (1422هـ/2002م)، جمهورية مصر العربية – القاهرة، ص 179.

[11]- القيم المتضمنة في مقررات الحديث للصف الثالث المتوسط ومدى تعزيز المقرر لهذه القيم :إعداد الطالب فايز بن عبد الله سفير القريشي، إشراف الدكتور محمد صالح بن علي جان، مطلب مكمل لنيل درجة الماجستير في مناهج وطرق تدريس التربية الإسلامية للفصل الدراسي الثاني للعام (1430هـ/1431هـ) ،المملكة العربية السعودية، جامعة أم القرى، كلية التربية، قسم المناهج وطرق التدريس، ص35و36.

[12]- إستراتيجية مقترحة لتحقيق التكامل بين الأجهزة الأمنية والمؤسسات التربوية في المملكة السعودية: محمد بن محمد أحمد الحربي، دراسة مقدمة إلى ندوة: العلاقة التكاملية بين الأجهزة الأمنية والتربوية في الوطن العربي، 18-20/محرم 1436هـ الموافق ل: 11-13 نونبر 2014م، المملكة العربية السعودية، ص24و25.

[13]- التوجيه والإرشاد الديني ودور وسائل الإعلام بإيصاله إلى الشباب بطريقة فعالة: د.محمد نعيم فرحات، الرياض (1419هـ/1988م)، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ، كلية الملك فهد الأمنية، ص 163-165.

[14]- الانحراف الفكري وأثره على الأمن الوطني في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية: محمد دغيم الدغيم، بحث فائز في مسابقة جائزة مجلس التعاون لدول الخليج العربي للبحوث الأمنية، لعام (1426هـ/ 2000م)، ص 31و32.

[15]- الإعلام مقوماته ضوابطه أساليبه في ضوء القرآن الكريم (دراسة موضوعية): إعداد الطالبة آلاء أحمد هشام، مصباح عمار، إشراف الدكتور عبد السلام حمدان عودة اللوح ،قدمت هذه الرسالة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في التفسير وعلوم القرآن(1430هـ/2009م)الجامعة الإسلامية – غزة، عمادة الدراسات العليا، كلية أصول الدين، قسم التفسير وعلوم القرآن، ص 187.

[16]- كلية الآداب بسهاج قسم الصحافة ،فلسفات الإعلام الوضعية المعصرة (دراسة نقدية مقارنة في ضوء المنظور الإسلامي)،رسالة لنيل درجة الماجستير في الآداب (صحافة) مقدمة من محمود يوسف محمد مصطفى السماسيري، إشراف محمد منير حجاب وعبد الوهاب كحيل وصابر حارص (1419هـ/1999م)، ص487و488و489.

[17] - سورة آل عمران، الآية 104.

[18]- سورة آل عمران، الآية 110.

[19]- سورة آل عمران، الآية 114.

[20]- سورة الأعراف، الآية 157.

[21]- سورة التوبة، الآية 71.

[22] - (ذكره المتقي الهندي في كنز العمال حديث 11172، وعزاه لابن عساكر عن علي، تحقيق بكر صباني وصفوة السقا، بيروت، مؤسسة الرسالة 1989م).

قم بتسجيل الدخول لكي تتمكن من رؤية المصادر
هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة لاناس.