بيتُ القراء و المدونين
  •  منذ 5 سنة
  •  0
  •  1

الأخبار المزيفة وتأثيرها على النفس

حرب المعلومات والأخبار الكاذبة تعتبر من أخطر الحروب التي نشهدها في العصر الحديث، فهي أكثر تهديداً لأمن وسلامة المجتمعات، كما أنها تفوق في خطورتها وتأثيرها النفسي المدمر الحروب العسكرية الأخرى.

وهي ليست شيئاً جديداً وإنما نلاحظ أن تلك الأخبار المزيفة والحملات المضللة تعاني منها الشعوب منذ القدم! حيث نلاحظ أنها إرتبط ظهورها منذ بدء صناعة الأخبار نفسها وتهدف تلك المعلومات الخاطئة إلى خداع القراء وإقناعهم بأنها معلومات موثوقة و صحيحة.

وسنعرض لك من خلال هذه المقالة كيفية تحديد أنواع الاخبار المزيفة، وكيفية تقييم موثوقية و مصداقية الأخبار حتى تتمكن من حماية نفسك من الإنخداع بتلك المعلومات الكاذبة والمعلومات الخاطئة التي يكون لها تأثير نفسي شديد السلبية والخطورة على النفس البشرية.

وقد صرح الخبير الإستراتيجي العسكري الصيني القديم "صن تزو" في كتابه "فن الحرب" الذي أصدره في القرن الخامس قبل الميلاد أن "كل الحروب العسكرية تستند إلى الخداع" بمعني أن نشر المعلومات الكاذبة والمضللة هو الأساس الذي يؤدي في النهاية إلى نشوب الحروب العسكرية ويتم نشر الأخبار المزيفة من خلال دورة الأخبار المتواصلة على مدار 24 ساعة.

ونظراً للتطور التكنولوجي الكبير الذي يشهده العصر الحديث ، نجد أن إستخدام المعلومات المضللة كأداة للإقناع وسلاح للنفوذ والسلطة قد أصبح من أكثر الأدوات المؤثرة بشكل خطير وسريع، أكثر من أي وقت مضى، حيث زادت معدلات إنتشار تلك الحملات المضللة وأصبح يتم طرحها وتداولها من خلال العديد من المنصات و القنوات الإخبارية الرئيسية، وسائل التواصل الاجتماعي ، القنوات الإذاعية بشكل متواصل على مدار اليوم وأصبح يتم إذاعتها ووصولها إلينا بطريقة سهلة وسريعة أكثر من أي وقت مضى وفي أي ساعة من النهار أوالليل ومن خلال أكثر من الأجهزة الحديثة المتصلة بالإنترنت مثل (الهاتف الذكي والكمبيوتر اللوحي والكمبيوتر المحمول والساعة الذكية والمزيد).

كشفت دراسة حديثة أجرتها الجمعية الأمريكية للأمراض النفسية أن 66٪ من الأمريكيين يتعرضون للتوتر والخوف حول مستقبل البلاد ، وأثبتت النتائج الخاصة بالدراسة أن التداول المستمر والمتواصل للأخبار المغلوطة والمزيفة هو السبب الرئيسي في شعورهم بتلك الحالة النفسية السيئة.

والآن ، مع نشر الكثير من المعلومات الخاطئة أكد الكثير من الإخصائيين النفسيين أن هناك إزدياد في حالة الإضطراب النفسي لدي العديد من الناس، وذلك لأن التنبيهات المستمرة من مصادر الأخبار والمدونات و وسائل التواصل الاجتماعي تكون بمثابة قنابل صاروخية تشعل الكثير من الفتن وتتسبب في الإحساس بمشاعر مثل القلق ، اليأس ، الحزن مما يزيد من معدل الشعور بالإضطرابات النفسية في العصرالحديث بدرجة كبيرة وغير مسبوقة.

في 15 أبريل 1861 ، تم نشر مقال في صحيفة "نيويورك هيرالد" أثار حفيظة الأمة. وذكرت أن جثة "جورج واشنطن" قد نُقلت من قبره، وتم نقلها إلى جبال فرجينيا ووضعها هناك.. بالنظر إلى المناخ السياسي المتوتر في ذلكالوقت، فمن المحتمل أن تلك الأخبار المزيفة هي التي أدت إلى زيادة التوترات المتزايدة بين الشمال والجنوب.

وسائل التواصل الإجتماعي تساعد على زيادة إنتشار الأخبار المتناقضة (الغير حقيقية) ولقد زاد ظهور الإنترنت و وسائل التواصل الاجتماعي من مشكلة الأخبار المزيفة.. لأن النموذج الإخباري التقليدي كان يوجد به عدد قليل من المنافذ التي يعمل بها صحفيون مدربون يقومون بمقابلة مصادر موثوقة ومن ثم التحقق من المعلومات قبل نشرها، ولكن في البيئة الإعلامية الحالية المتطورة التي نشهدها في عالمنا اليوم ، نجد أنه من السهل أن يتم تداول ونشر نظريات المؤامرة والشائعات عبر القنوات المتعددة، من خلال رسائل مستمرة و أخبار متناقضة ومزيفة دون إجراء أي تحقق من صحتها قبل نشرها.

منذ أغسطس 2017 ، تلقى 67٪ من الأمريكيين على الأقل بعض أخبارهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفقًا للبحث الذي أجراه "مركز بيو للأبحاث" وجد أن نشر المعلومات المزيفة والحملات المضللة الكاذبة يمكن أن يتحكم بشكل رئيسي في تكوين معتقدات وسلوك المجتمعات، ويؤثر عليها بشكل سلبي، ذلك لأن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة تتيح الوصول إلى أي شخص تقريبًا في العالم وتسهل من عملية التلاعب بالعقول وتضليلها.

ويعتبر حرب المعلومات من أكثر الحروب خطورة وتاثيراً في عالمنا اليوم لأن هذا النوع الجديد من الحرب له القدرة على زرع بذور الأفكار في أذهان الناس ، وجعلهم يشككون في المعلومات ويحاولون تغيير رأيهم ومعتقداتهم.

أكد معظم الإخصائيين النفسيين في جميع أنحاء العالم على خطورة إنتشار المعلومات المزيفة والحملات الإخبارية المضللة والكاذبة على الصحة العقلية والنفسية للأفراد، نظراً لأنها تهدف إلي التلاعب بعقول الرأي العام، كما أنها تعمل على إثارة الإستجابة العاطفية لدي القارئ أو المشاهد، وغالباً ما تكون مثيرة لمشاعر الغضب والشك والقلق وحتي يمكن أن تؤدي إلى الشعور بالإكتئاب عن طريق تشويه التفكير الأفراد والمجتمعات.

وقد أكدت الجمعية الأمريكية للطب النفسي في مايو 2018أن الأميركيين من أكثر الشعوب السكانية الذين تعرضوا لزيادات حادة في مستويات القلق والإضطرابات النفسية في العام الماضي.. كما تؤثر تلك المعلومات الكاذبة والمزيفة على أمن وإستقرار الشعوب العربية وتعمل علىإثارة الفتن وزيادة الضغوط النفسية على الكثيرين منهم.

ويرجع السبب في ذلك التأثير السلبي للمعلومات الكاذبة على صحة الأفراد النفسية والعقلية، هو أننا عندما نتلقى تلك الأخبار الكاذبة نتعاطف معها ولا نفكر بطريقة عقلانية صحيحة ولذا يجب أن نعتمد على التفكير العقلاني في إدراك المعلومات حتي نتمكن من حماية أنفسنا من التأثر بتلك الأكاذيب والشائعات الغير صحيحة التي تؤدي إلى زيادة الإضطرابات والمشاعر السلبية لدي جميع أفراد المجتمع، وتمثل ضرراً على صحتهم العقلية والنفسية.

كيفي نواجه الأخبار والمعلومات المزيفة؟!

كيفية مواجهة إنتشار الأخبار والمعلومات المزيفة ونصائح الخبراء لتفادي تلك الظاهرة.. هناك بعض الخطوات التي ينصح بها الخبراء والتي يمكن أن يتخذها الافراد للحماية من التعرض للتأثيرات السلبية للأخبار المزيفة والمعلومات الكاذبة المضللة وهي كالتالي:-

أولا: عدم تصديق كل ما يتم نشره وتداوله:

ينصح الخبراء بضرورة التأكد من صحة الخبر وعدم تصديقه إلا بعد فحصه وتدقيقه جيداً، من خلال إجراء خطوات بسيطة عند بداية قراءة تلك المعلومات مثل التحقق من تاريخ المقالة ، ولا يجب أن يعني ظهورها في أعلى صفحة نتائج البحث أنها تشتمل على أحدث المعلومات وإنما يجب التأكد وتحديد مصدر المعلومات الخاص بها.

ثانيا: التحقق من التحيزات والإتجاهات الخاصة بك:

من أهم الخطوات اللازمة لمكافحة التأثر بالأخبار الكاذبة والمعلومات الزائفة هو التحقق من التحيزات والإتجاهات الخاصة بك حتي نتمكن من تقييم المعلومات وإدراك مدي صحتها بطريقة محايدة وعقلانية ودون وجود أي تحيزات مسبقة في التفكير.

ثالثا: الحفاظ على روح الدعابة الخاصة بك:

يجب الحرص على التمسك بروح الدعابة والفكاهة كوسيلة لمواجهة الاخبار الكاذبة والمزيفة، لأنها واحدة من أقوى إستراتيجيات الدفاع الإيجابية التي يمتلكها الافراد ، والتي يمكن أن تساعد في تقليل التوتر والقلق والإكتئاب الناجم عن تلقي وقراءة تلك الشائعات والمعلومات المزيفة.

رابعا: التعبيرعن المشاعر بقوة من خلال المشاركات الإيجابية:

يمكن أن يساعد التعبير عن مشاعرك من خلال الإحتجاجات، أوالتطوع من أجل قضية تؤمن بها أوالترشح للمنصب في تخفيف التاثير السلبى لتلك الأخبارالمزيفة والكاذبة، وتجنب الشعور بأي ضرر نفسي.

وفي النهاية، يمكننا القول أنه لا يمكن التحكم في زيادة وسرعة إنتشار الأخبار المزيفة خاصة في عصر التكنولوجيا الحديثة التي نشهدها الأن، ولكن يجب أن يصبح لدينا القدرة على التكيف ونعمل على مراجعة تلك المعلومات المغلوطة والزائفة والتأكد من صحتها من خلال إستخدام مواقع التحقق من صحة الخبر، كما يجب أيضاً تحليل تلك الأخبار بطريقة عقلانية و واعية وغير عاطفية، حتي نحمي أنفسنا من التأثيرات السلبية لتلك الأكاذيب والمعلومات الزائفة.

قم بتسجيل الدخول لكي تتمكن من رؤية المصادر
هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة لاناس.
حسان 

شكرا على هذه المعلومات ولكن سأجري عليها بحث لأتكد من صحتها :p