معجزة الاسلام
منذ أكثر من 1400 عام، رجل في الصحراء، قال أنا رسول من الله، فضحك عليه أعيان قومه، فصدقته زوجته، وتبعه المستضعفين وصدقوه، فما كان من أعيان القوم إلا أن كذبوه، ثم حاربوه، وأخيرا أذعنوا له.
بدأ الإسلام بدعوة رجل فقير ويتيم في صحراء نظامها قبلي، القوي يسحق الضعيف، تجارة أعيان قومه تزدهر بحج البيت في قبيلته وتقوم على أساس بيع الأوثان. كما أن مكانة هذه القبيلة بين القبائل الأخرى متصلة بهذا البيت الذي يحج اليه من كل أنحاء جزيرة العرب. العرب الذين كانوا مجرد قبائل منتشرة في أنحاء الجزيرة العربية لم تفكر أي دولة أو أي امبراطورية باحتلالهم، فقد كان من بعض قبائل العرب لما يجوعوا سطوا على الفرس أو الروم، فيكون الرد بالعطف عليهم بالكسوة والغذاء.
هؤلاء الذين كانوا بلا قيمة، الى درجة أنه لم يفكر أحد في أن يحكمهم أو يستغل أرضهم أو يستغل عددهم، صنع منهم الإسلام أسيادا للعالم وبلغ امتدادهم كل أنحاء الأرض، وصارت لغتهم من أكثر اللغات استعمالا في العالم. بل لغتهم هي اللغة الوحيدة التي لم تتغير أو تتجدد خلافا لباقي اللغات .
واقترنت العربية بالإسلام.الإسلام الذي وضع مفهوم الحرية:(لا فرق بين عبد وسيد، الإسلام الذي كرّم المرأة ولم يتهمها بأنها سبب خروج آدم من الجنة).
ومن مظاهر تكريمه للمرأة دورها الأساسي في التربية والتعليم، فهي المسؤول الأول عن تربية الأطفال، وتعليمهم أساسيات العلوم. ولا ننسى دورها في الحروب، سواء بحمل السلاح والدفاع، أو بتواجدها في خيمات الاستشفاء ومداواة الجرحى والمصابين. والأهم من ذلك وجود المرأة في مجلس رسول الله وروايتها للأحاديث النبوية الشريفة، وحملها للقب "الصحابية" دون تفريق أو تمييز بينها وبين الرجال. فهي من ضمن الصحابة الكرام، فهو لفظ شامل للذكور والاناث.
الإسلام قبلة المستضعفين قديما لما فيه من نصرة المظلومين ولما فيه من ضمان لحقوق البشرية، وانتشر بالعدل والرحمة وقبله الناس بصدر رحب، لا كما زعم البعض أنه انتشر بالسيف، فما كان للسيف دور الا لحد سطوة الحكومات الظالمة. وكل من يتمسك بدينه يدفع الجزية كأداء مقابل الحماية، ويعفى منها المرأة والطفل والشيخ والعاجز ومن التحق بجيش المسلمين. وما يدعم قولي كدليل وبرهان( الكنائس المسيحية والمعابد اليهودية المنتشرة في كل العالم الاسلامي، يعود تاريخ بنائها الى عدة قرون خلت، مازلت قائمة تشهد بالحرية الدينية في ظل الحكم الاسلامي العادل. وما يزال ينتشر اليوم في أكثر الدول تقدما وبين أكثر الناس معرفة وتشبعا بالعلوم).
كان للإسلام الأثر البالغ في تحويل وجهة عالم يسير نحو الحروب والظلم الى عالم يتسابق في العلوم والتطوير. لقد قدم علماء الإسلام لهذا العالم اساسيات العلوم التطبيقية بعد أن كانت العلوم في مجملها نظرية. لولا الخوارزمي ومعادلاته المنطقية في الرياضيات لما كان للكمبيوتر والأجهزة الذكية وجود، ولولا الجزري واختراعاته الميكانيكية المعقدة كالساعة لما كان للسيارات وجود، ولولا ابن الهيثم وابحاثه في علم البصريات والصورة لما كان للكاميرا وجود ولولا ابن فرناس وغيره لما كان العالم كما نراه اليوم.
هذا هو الدين الذي بدأ بأمر، الأمر بالقراءة، هو الأمر بالعلم والتعلم، بل بفرض العلم على كل معتنق لهذا الدين.