العرس التونسي المعاصر
العرس التونسي بين جمالية التقليد و مخالب التحضر المميت
كانت تونس منذ سنوات أيقونة للحديث و للإعلام في جميع المواقع و الصحف و البرامج و عرفت بتونس الثورة تونس التحدي تونس الجديدة و غنت لها أجمل الأصوات و تباهى بها أفضل الشعراء لجمالية موقعها و إرثها الثقافي و الحضاري ،و لكن ماذا عن الأعراس التونسية؟هل تعرفون العرس التونسي كيف يقام؟ و هل مازال التونسي يقيم عرسا تقليدا أم أنه إنجرف وراء تيار الحداثة و التحضر المفتعل؟
اليوم: كبداية لي في مجال الكتابة عن تونس أردت الحديث عن أعراسنا ماذا حل بها من متغيرات الزمن!
كان العرس في تونس قديما يقام لسبعة أيام وليالي مهما كانت الطبقة الإجتماعية التي ينحدر منها كلا العرسين.
كانت الغروس تزف غالبا لعريس لا تعرفه مسبقا و إنما سمعت مديح أبيها له و ثناء عمها عليه، يقام العرس و في كل ليلة تذبح المواشي و تطبخ النساء الأكلة التونسية الشعبية و هي الكسكسي و تتعالى الزغاريد تصحبها الحنة و الرقص ووكانت العروس تكتسي ثياب الحشمة و الخجل و هو ما يطلق عليه في مخزونا التراثي مصطلح(السر و الكمون) أي الحياء و الخجل.
لا يشترط لا ذهب و لا بيوت و لا مهر و إنما يشترط الحب و الإحترام و التقدير.. تزف العروس في ليلتها السابعة من العرس و منذ لحظتها تصبح إمرأة البيت و تسعى جاهدة لبناء السعادة العائلية.
رغم غياب المهر و الذهب و البيت الخاص لا تسمع إلا الخبر الطيب عن المتزوجين و حادثة الطلاق تكون قليلة و في بعض الأحيان نادرة الوجود.
اليوم: في عصرنا هذا أصبح العرس في تونس و خاصة في المدن المدن الكبيرة عبارة عن حفلة في ليلة واحدة يقتصر على بعض الأقارب و بعض الأصدقاء و الكثير من البهرج المزيف و الذهب الامع في رقبة و أيادي العروس و زينة لدي خبيرة تجميل إلتهمت ألاف المئات من النقود لكي ترسم خارطة وجه إصطناعي في وجه العروس،
كل هذا إضافة إلي شروط تثقل كاهل الطرفين في الزواج فالزوج مطالب بالمهر و الذهب و البيت و الزوجة مطالبة بجهاز بيت من الملعقة حتي الوسادة.. يختم العرس في قاعة للأفراح بصوت فنان مزعج و تتكالب عيون الإنتقاد من الحضور للعروس و لأجواء العرس ثم كل واحد يأخذ دربه في آخر السهرة.
كل هذا البذخ و المصاريف ثم تسمع أنهما تطلاقا!! لماذا؟!
الإجابة بسيطة جدا: في الماضي كانت الأخلاق و الحياء و الجدية مفاتيح السعادة و النجاح و الإستقرار و اليوم يتزوج الفرد لإبراز بذخه و طبقته و تحضره الأوروبي ثم يقول لم أعد أريد الإستمرار! ليت الأعراس تعود كما كانت وسط طبل و غناء و أسرة و بساطة و هناء و إستقرار و نخلع عنا كساء الإفرنج الفارغ.