بيتُ القراء و المدونين
  •  منذ 5 سنة
  •  0
  •  0

قصة: فندق العجزة

يا إبني خذني لدار العجزة أرجوك فأنت لا تكاد تقوى حتى على إعانة نفسك فكيف بأم عجوز مثلي ، لا تقلق فأنا من يطلب هذا أنت ولد بار كنت لي كل شيئ ، إنما أنا أريد منك وضعي هنالك و أن تبحث على وظيفة ريثما تجدها و تستقر عد و خذني.

كان الولد مستلقيا في الركن منسي تظهر سمات الجوع في جوانبه، شفاه مشققة، عيون مسودة، يد لا يقوى حتى على حملها، قال لأمه سأفكر في الأمر.
ذهب لدار العجزة سأل عن المعاملة هناك عن أكل المسنين عن شربهم نظافتهم فوجد الأمور لا بأس بها بل خير مما يقدمه هو لأمه من فقر و جوع.
دفع أوراق أمه و كان لها من رأيها حظ الموافقة ودعها وعدها بأنه ريثما يجد عملا و مأوى سيأتي لأخذها..
استغرب العمال فلم يسبق لأحد أن جلب أمه لأن ظروف دار العجزة احسن من ظروفه فأغلب الحالات هنا سببها العقوق و عمى الأبصار و تسلط الزوجات ..
إن الفقر لقاتل حقا هكذا استقبل العمال الضيفة الجديدة ..
عاد صاحبنا أدراجه مرتاح البال كأن ثقلا ازيح عن ظهره و أخذ يتجول باحثا عن ما وعد به أمه !
كان الجوع يأكل منه في كل خطوة و الحزن يعصف به في كل زاوية اسودت الطريق أمامه خذلته رجلاه وصل لمبنى شاهق تكاد لا ترى مدى ارتفاعه و سقط المسكين و هو لا يدري في أي مطرح كان قد سقط..
بدى له في البداية كل شيئ أبيضا ، مع وجوه مبتسمة تطل عليه وجوه غريبة ايضا يكسوها ذلك البياض الذي غطى كلتا عينيه ..
مرت لحظات حتى عاد إلى وعيه ليجد نفسه في غرفة جميلة وسط فراش ناعم بملابس جديدة فيها من أريج الورد الكثير ..
سأل مضيفيه أين أنا كيف جئت إلى هنا؟؟
جاء شخص يبدو من هندامه أنه الرئيس فقال له لقد وجدك احد العمال ملقيا بجانب المبنى كميت أخرج من قبره فما كان منا سوى أن احضرنا لك طبيبا و اعتنينا بك في هذه الأيام التي انقضت.. قال و كم مر علي هنا ؟ أجاب الرئيس أربعة أيام يا سيد.. منتظرا منه أن يعرف بنفسه فقال كريم يا سيدي كريم ..
شكى كريم لذلك الطيب شكواه و قص عليه قصته كاملة عسى أن يتلطف عليه من لطفه و يجود عليه من كرمه و يكون له الساعد الأمين.
كان المبنى ذاك عبارة عن فندق و مطعم فاخرين بهما اجود الغرف و ألذ الأطعمة ، عين كريم كرئيس على عمال النظافة يرشدهم يدلهم و كان المبيت و الطعام يتكفل بهما الفندق و ايضا كان راتبه يكفي عائلة مكونة من ثلاثة أفراد ، بدأ كريم يستعيد نفسه الضائعة نفسه المفلسة و اخذ يسترد ايضا شيئا من لوعة شبابه ..
تذكر كريم أمه و قال في نفسه بما أنني الٱن أمتلك قرار نفسي و مالي في يدي ، كريم كما سميت سيد كما تمنيت حان وقت استرجاع ما ضاع مني ..
ذهب كريم بخطى سريعة كان قلبه فيها يسبقه و عقله يجري أمامه فرحا مشتاقا يتلهف للوصول ..
اهلا سيد كريم لقد حاولنا الإتصال بك مرارا لما لم ترد؟ فقال مالذي حدث مالذي جعلكم تتصلون بي مرارا؟ تلفت العمال لبعضهم البعض ليتشجع احدهم في الأخير و ينقل له خبر صاعقا لقد بلغت المنية أمك يا كريم.
لم يصدقهم في بادئ الأمر و قال لقد وعدتني هي بأن تنتظرني كيف حدث هذا .. لا تقولوا لي قضاء و قدر لا أريد سماع هذا أين أمي..؟ أخذ يجهش بالبكاء ، تلك السماء الصافية ماعادت كذلك خيمت غيوم الحزن عليها ، طيور الفرح اكلها الغراب اللعين و اخذ يصيح شرا ..
إسود ما كان أبيضا سكنته الأشباح التي كانت قد رحلت عندما وجد عملا و مأوى و عاد كريم مفلسا من جديد..
ترجل أحد العمال و قال له لقد ماتت راضية عنك يا كريم قالت لنا كان يبيت جوعانا و أنا أبيت ممتلئة البطن قالت كان يكسوني من حنانه حتى ما كنت احتاج لملابس الشتاء يا كريم لقد ماتت راضية عنك عكس الكثير ممن سبقوها عكس الكثير ممن ماتوا ٱثميين مغتاظين من ابنائهم يا كريم هنيئا لك عش كريما.

قم بتسجيل الدخول لكي تتمكن من رؤية المصادر
هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة لاناس.