قصة ادم عليه السلام و بدء خلق الانسان
خلق الله تعالي ادم بيده ،فكلنا مخلوقون بقانون الخلق ، ولابد ان يجتمع رجل وامرأة ليتم الخلق وفقاً لسنة الله تعالي في خلقه ، فالتسوية من عند الله ، و الروح من عند الله ، و أن ادم ليس مخلوقاً كغيره من البشر ، ولكنه مخلوق مباشرة بيد الله تعالي.
وكلمة (ادم) حينما نتكلم بها نجدها في النحو مذكرة ، و المذكر يقابله المؤنث ، لقد خلق الله تعالي الذكورة و الانوثة لأن من تزاوجهما يخرج النسل .
أذن ...كان ولابد من التمييز بين النوعيين للجنس الواحد فالذكر و الأنثي هما بنو ادم ، ومنهما ينشأ التكاثر ، لكن العجيب أن الله تعالي حين سمي ( ادم ) و نطقناه اسماً مذكرًا ، وسمي ( حواء ) ونطقناه مؤنثًا ، جعل سبحانه الاسم الاصيل الذي وجد منه الخلق هو (نفس) ، بقد سمي الله الحق ادم بكلمة ( نفس ) وهي مؤنثة .
أذن.....فليس معني التأنيث أنه أٌقل من معني التذكير ، و لكن التذكير هو فقط علامة لتضع الاشياء في مسمياتها الحقيقة ، أن الحق سبحانه و تعالي يطلق علي كل أنسان منا ( نفس ) ، و هي كلمة مؤنثة ، وأن الحق قال عن ادم أنه ( نفس ) رغم انه مذكر ، ألا أنه سمي بالمؤنث و هي ( نفس ) ولم يقل الحق : خلقكم من نفس واحد بل قال واحدة .
أذن فالخالق تبارك و تعالي قد أورد مرة لفظًا مذكرًا ، و مرة أخري أطلق لفظًا مؤنثًا .
وذلك حتي لا نقول أن المذكر أحسن من المؤنث ، ولكن ذلك وسيلة للتفاهم فقط .
والله سبحانه و تعالي حينما تعرض لقصة ادم عليه السلام في سورة ( البقرة ) لم يوضح لنا كيف تم خلق حواء ، ولكن الخالق الاعز الأكرم أدخل حواء في خطابه لادم عليه السلام ، ويوضح الحق لنا أن كل خلق من خلقه أنما هو خلق من زوجين ،أن حواء لو كانت ضلعًا من ادم لقال الحق تعالي : جعل منها زوجها . ذلك أن الجعل يعني الأخذ من نفس المادة و صناعة ما يريد ، و هو الحق المالك لكل كون .
أن قول الحق ( وخلق منها زوجها ) . هو تعبير عن خلق جديد مستقل ، أمما عندما نأخذ مسألة الخلق هذه في ضوء الأفكار و المعتقدات الباطلة السائدة الان كالشيوعية و غيرها ، فأننا نجد أن قوله تعالي (وخلق منها زوجها ) . كان المقصود به الرد علي من سوف يأتون بعد زمن رسالة رسول الله صلي الله عليه و سلم و نزول القرأن الكريم هؤلاء الذين قالوا : أن الحياة قد نشأت بقانون الصدفة.لكن هناك فيلسوفًا فرنسيًا هو ( مونيه ) أراد أن يرد علي من قالوا : أن الحياة قد نشأت بقانون الصدفة : تساءل ذلك الفيلسوف قائلًا : كيف يكون أمر الخلق صدفة؟! وهو أمر محكوك بنظام دقيق و قوانين محكمة ، أمن المعقول أن توجد صدفتان في ان واحد ؟! صدفة تخلق رجلًا ، و صدفة تخلق امرأة من جنس الأنسان ، و تختلف مع الرجل في النوعية بحيث لو التقي الرجل بالمرأة لنشأ عن لقائهما جنين قد يكون رجلًا و قد يكون امرأة بعد أعوام تكاد تكون معروفة ، هل هذا الأمر المنظم بدقة يمكن ان يكون صدفة ؟! هل يمكن لهذا النظام الذي أوجد اللقاء بين الرجل و المرأة علي لذة ومتعة و اشتهاء ليكون بهذا اللقاء عمران الكون علي أسس و قواعد محسوبة من الكليف ... هل يمكن أن يكون ذلك الأمر صدفة ؟ أذا كانت الصدفة تملك هذا القدر من التنظيم الدقيق فأنا أسميها الله تعالي !. هكذا يقول الفيلسوف الفرنسي.
أنه يرفض أن يكون مع الملاحدة الذين يرفضون نظام الكون و الخضوع لقوانين التكليف ، فيصل بالاستنباط العقلي الي قدرة الخالق جل وعلا .
وعلي هذا يمكننا أن نفهم قوله تعالي : ( وخلق منها زوجها ) . أي خلق حواء مثلما خلق ادم ، و كما أوضح لنا الحق تعالي أنه خلق ادم من طين ، فكذلك خلق حواء ، ولنا أن نفهم أن كلمة زوج لا تعني الرجل فقط ، ولكنها أيضًا تعني المرأة ، فالمرأة زوج ، و الرجل زوج ، و في ذلك يقول الحق تبارك و تعالي : ( و من كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ) أن كلمة زوج تطلق علي الرجل عندما يتزوج ن وتطلق أيضًا علي أمرأته تمامًا ، كما كلمة توأم تطلق علي الوليد الذي يشاركه وليد اخر في نفس الرحم و يسميان توأمين ، و ذلك أنه من الخطأ الشائع أن تقول زوج علي الرجل و المرأة معًا ، أن المرأة و الرجل معًا هما زجان ، وهكذا نفهم من سياق الأيات ، أي أن حواء قد خلقها الله خلقًا مستقلًا كما خلق ادم ، ولنا أن نتأمل حكمة الخالق الذي ربط ارجل و المرأة برباط تحمل مسئولية عمران الكون ، بأن تبدأ المسئولية بينهما برغية ولذة ، ثم تعب و تضحيات في سبيل الأبناء ، أن التأمل للحظة لقاء الرجل بالمرأة في فراش الزوجية و الاستمتاع الحسي في حدود أوامر الله ، هذا التأمل يجعلنا نقول : أنه لولا عطاء الحق لنا من انسجام و حنان و مودة.